الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وولدين وبنتين

السؤال

كان أبي رحمه الله قد دفع مقدما لشراء شقتين تمليك بهدف أنه فيما بعد يقيم فيهما أخوان ذكور، وقد سألني قبل موته بشهور هو لا يعرف كيف يعدل بيننا ونحن 4 أخوات 2 ذكور و2بنات وأنا كنت متزوجة وأختي الثانية ذات إعاقة ذهنية وهو كان يرى ضرورة مساعدة الذكور بتمكنهم من تمليك شقة لكل واحد وفي نفس الوقت هم ليس لهم القدرة على البداء فلا بد أن يساعدهم أبي بالبداية ثم سألني كيف أعدل بينكم وماذا ترين وسألني سؤالا صريحا هل أكتب بينكم وبينهم عقد إيجار كل ولد لكل بنت ؟ والحقيقة أنني كنت محرجة وقلت له طبعا صعب أن يكون ذلك بيني وبين إخواننا اتركها على الله وما هي غير شهور بسيطة وقد مات أبي ووجدت أن أخي الكبير قد حكم بالآتى له ولأخي الثاني 1- -إن أبي ترك مبلغا من المال موضوع في الشقتين وأن المبلغ يقسم بحسب الشرع نصيب الولد والبنت والأم كما حكم الله سبحانه -2 -وأنهم هم سوف يكملون أقساط الشقتين من اموالهم ويكملون عقد التمليك وتصبح الشقق ملكهم من وقت وفاة أبي والحقيقة أن أمي لم تعترض وافقت فهي سوف تعيش في شقة أبي شقة الزوجية وهى إيجار ومعها أختي المريضة وأن وصية أبي أن يعيش أخواتي الذكور كل في هذه الشقق وأنا متزوجة فليس لي أصلا وضع شرعي في الشقق وقد وافقت وخصوصا لم أذكر شيئا عن حيرة أبي في كيف يعدل بيننا، وخلال السنين يدرك الإنسان أنه ربما أخطأ في حق نفسه فحتى الآن لم يقسم باقي الميراث بحجة أن المصلحة الآن لا تسمح، وقد تركني زوجي ومع 5 أولاد في شقة إيجار يمكن تغير ظروفي فيها في أي وقت، هذا غير المعاملة السيئة لي لدرجة أنني صارحت أخي الكبير برغبة أبي في بداية الأمر بعقد إيجار بيني وبينهم وأنا رفضت فأخبرني أن أبانا قد حكى له عن ذلك ثم سكت-- فهل في التقسيم للشقق مخالفة للشرع وكيف لي لو كان كذلك حل الموضوع بهدوء لو كان لي حق عندهم؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فوالد السائلة مات وترك مالا وعقارا لم يكمل ثمنه، فالعدل الذي أمر الله تعالى به أن تكون هذه التركة بين البنتين والولدين والزوجة إن انحصر الورثة فيهم حسب أنصبتهم الشرعية، لقوله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ {النساء:7}.

وعليه فقول الأخوين إنهما سيقسمان المال الموضوع في الشقتين بحسب الشرع فيعطيان كل واحد من الورثة نصيبه، أما الشقتان فيحتفظان هما بهما ويكملان أقساطهما ثم يتملكانهما كلام مخالف للشرع، بل الأختان والزوجة لهما في الشقتين نصيب أيضا لأن المال بعد وضعه في الشقتين لم يصبح مالا نقديا وإنما أصبح مالا عينيا، وهو هاتان الشقتان، فلا يجوز أن ينفردا دون باقي الورثة بتملك الشقتين، بل لكل وارث نصيب مشاع فيهما، وله أن يبيع هذا النصيب وينتفع بثمنه، كما له أن يحتفظ به ويؤجره، وسواء أوصى الوالد للأخوين بشيء أو لم يوص، فوصيته إن حصلت فهي لوارث، والوصية لوارث باطلة لحديث : لا وصية لوارث. رواه أحمد، ولكن إن رضيت الأخت السائلة بالتنازل للأخوين عن نصيبها في الشقتين برضى نفس منها وبدون تدليس أو إكراه من قبل الأخوين فلا يحق لها الرجوع عن هذه الهبة، وراجعي في مسألة رجوع الأم عن الهبة لولدها الفتوى رقم: 33730.

وأما عن البنت التي وصفتها السائلة بأنها مصابة بإعاقة ذهنية فإن كانت هذه البنت مصابة حقا بتلك الإعاقة ولا تحسن التصرف في المال فلا يحل الاستيلاء على نصيبها من الميراث وإن أذنت لأن إذنها غير معتبر لسبب إعاقتها المذكورة، وإن كانت بالغة رشيدة فحكمها حكم أختها.

وبالنسبة لامتناع الأخوين عن قسمة الميراث بين الورثة بعد مضي ستنين على وفاة المورث مع مطالبة الآخرين بالقسمة فإن هذا يعد عملا محرما ومنعا لأصحاب الحق من الانتفاع بحقهم، وراجعي في هذه المسألة الفتوى رقم: 97117، ورقم: 99010.

وإذا امتنع الأخوان عن الاستجابة لطلب أختهم ورد الحقوق إلى أهلها فيجوز لها مقاضاتهم وشكايتهم إلى من ينصفها، وراجعي في حكم بقاء أمك في الشقة المؤجرة إجارة مؤبدة الفتوى رقم: 58077.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني