الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإحسان إلى الأم والإنفاق عليها عند حاجتها

السؤال

أم تعيش وحدها في مصر في شقة يملكها ابنها وتبلغ من العمر خمسة وسبعين سنة لديها ولدان وبنت من زوجها المتوفى وثلاث بنات من زوجها الأول ولداها الذكور هما الذيا يصرفان عليها أو يزورانها بالرغم من أنهم يعيشون في دولة ثانية وحاولوا كثيرا أن يأخذوا أمهم تعيش معهم لأنها مريضة وكبيرة في السن ما تقدر تدير بالها على نفسها لوحدها لكنها ترفض إذا أخذوها عندهم تضرب على الطعام حتى ترجع إلى مصر بالرغم من أنه في مصر ليس لها أي حد فيها وهي سورية الأصل وتقيم هناك إقامة سياحية وقالت لهم لو أخذتموني غصبا على لندن سأقتل نفسي حاولوا معها كثيرا لكن رافضة تماما حتى تروح تعيش مع بناتها في سوريا المهم في مصر بتروح عند الأطباء أو تجيبهم على البيت من غير أي سبب لأنها دائما تتوهم بأمراض كثيرة لدرجة أنه يوصف لها أدوية غير محتاجة لها وتأخذها لمدة يوم أو يومين وتبطل لدرجة عندها الأدوية متكدسة كثيرا وممكن من نفس النوع أربعة أو خمسة علب زائد على أن فلوسها تصرفها على السهر في الفنادق المصرية بالرغم من أنها ما تقدر تتمشى مسافة كبيرة لازم لها مساعدة وما تبغي تستر نفسها بالحجاب وتلبس باروكات وتحط ما كياج برا أولادها تعبوا ينصحونها من غير فائدة كما أنها تحرض الخادمات على الكذب على أولادها بأنهم أقرضوها فلوسا حتى تأخذ فلوسا من أولادها زيادة حالة أولادها متوسطة لكنهم تعبوا كثيرا من مصاريفها المبذرة وممكن يعطيها ولدها مصروفا لثلاثة أشهر وأسبوع ينصرف كله بعدها تكذب وتقول ما أعطاها أي شي فاتورة التلفون لشهر واحد تصل لألف دولار وتتكلم عشر مكالمات من أجل السمان يبعث لها حاجة وحدة ما تساوي عشر أو عشرين جنيها أبوهم ترك لهم أملاكا وخاف عليهم من الورثة أن يضيعوا حقوقهم فوصى أمهم عليهم لأنهم كانوا قاصرين هذا الوقت فكتبت كل شيء باسمها بعدها حولتهم على اسم المحامي والآن تنكر أن أباهم ترك لهم شيئا بالرغم من أن الأب قبل ما يموت قال لهم على الأملاك والآن ترفض أن يقسموا الأملاك بالحق وتبغي تبيع نصيبا منها لبناتها من زوج ثاني بالرغم من أنهم ما يأتون يزورونها حتى يدفع أولادها الذكور مصاريف سفرهم ليروحوا يزورون أمهم الآن الأولاد عندهم ضائقة مالية ويبغوا يبيعون بيتهم في مصر الذي باسمهم لوحدهم وأمهم جالسة فيه ترفض تخرج منه وتبغي يعطونها مصاريف سفرها لبيروت علشان تروح تبيع الأملاك وترجع ثاني على مصر الأولاد رافضون وقالوا لها إما تروحي على الشام وتجلسي مع بناتك أو تأتي عندنا للندن وسنبيع البيت هل بيع البيت حلال أم حرام من غير موافقتها مع العلم ما لها أي حق فيه أو ملكية وهل ممكن يوقفوا عليها المصروف لأنها رافضة ترد لهم فلوس أبيهم؟ مع العلم تبغي تبيعها الأيام القادمة ؟ أرجو الرد في أقرب فرصة حياتهم صارت جحيما وما يعرفون كيف يرضونها صارت تشوه سمعتهم في أي مكان وتقول ما يصرفون عليها أولادها بالرغم من أنهم يتحملونها وهم صغار ويصرفون عليها ويتكلفون بمصاريف سفرها ومرضها ويرسلون لها أدويتها كل شهر وتدعو عليهم أنها غضبانة عليهم ليوم الدين بالرغم من أنها تركتهم وهم عندهم عشر سنين في بريطانيا من غير أحد يعتني بهم وربوا أنفسهم بأنفسهم وأكملوا دراستهم وكانوا يشتغلون لمصاريفهم لأن الوالد كان يبعث فلوسا لهم وهي تأخذ الفلوس لنفسها وتصرفها على الألبسة والماكياج.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحق الأم عظيم، وبرها فرض أكيد قال تعالى: وَوَصينا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتهُ أُمهُ وَهْنا عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن أنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان 14- 15}.

وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.

وأما بالنسبة لأمر الإنفاق عليها فإنه واجب عليكم إذا كانت فقيرة لا مال لها وكنتم أغنياء، وقد دل على وجوب النفقة الكتاب والسنة والإجماع.

قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}.

ومن الإحسان: الإنفاق عليهما عند حاجتهما.

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.

وفي المدونة قال مالك: تلزم الولد المليء نفقة أبويه الفقيرين ولو كانا كافرين والولد صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، كانت البنت متزوجة أم لا، وإن كره زوج الابنة. انتهى.

أما إذا كانت غنية فلا يجب عليكم الإنفاق عليها، ولكن يستحب أن تعطوها بعض المال سواء في صورة هدية أو مال نقدي تطييبا لخاطرها.

وأما ما تقوم به أمكم من تبرج وإظهار لزينتها وغير ذلك من المخالفات الشرعية فهذا حرام، وقد سبق بيان حكم التبرج في الفتاوى رقم: 8569، 26387، 32094.

وواجبكم في ذلك هو النصح لها بالحكمة واللين مع البر والمصاحبة بالمعروف.

وإذا كنتم تعلمون أن ما ستعطونها من مال ستنفقه على التبرج والزينة فلا يجوز لكم أن تعطوها هذه الأموال لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان وهو حرام لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ والعُدْوَانِ {المائدة: 2}.

ولكن أعطوها ما يكفي حاجاتها على سبيل الوجوب إذا كانت فقيرة، وعلى سبيل الندب إذا كانت غنية.

وأما ما تقوم به الأم من منع التركة عن أولادها فهذا حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل، حتى ولو كان الأبناء أغنياء لا يحتاجون إليها؛ لأن هذا فرض من الله تعالى فرضه للورثة فقال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7}

وقد عد أهل العلم منع الوارث من حقه من الميراث كبيرة من أعظم الكبائر؛ لأن الله تعالى عقب على آيات المواريث بقوله ترغيبا لمن أطاعه وترهيبا لمن عصاه وخالف أمره في الميراث فقال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14}

فعليكم أن تتلطفوا معها حتى تستوفوا منها حقوقكم.

وأما بالنسبة لبيع البيت فإن كانت الأم غنية وتستطيع توفير سكن لها، فعند ذلك يمكنكم بيع هذا البيت الخاص بكم، ولو بغير رضاها لأنه ليس ملكا لها.

أما إذا كانت فقيرة فيجب عليكم توفير سكن مناسب لها، ولكن لا يشترط أن يكون هذا البيت بل لكم أن تبيعوه، وتسكنوها في غيره، ويجب عليكم في هذا كله أن تكون المعاملة معها غاية في البر والأدب واللطف.

وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 55541.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني