الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاهدة المنكرات يحبط الأعمال الصالحة

السؤال

زوجي يحب السهر على شاشة التلفاز ولأوقات متأخرة لحين قبل صلاة الفجر، وكثيرا يحب أن أسهر معه، ولكني لا أستطيع بحكم أني أداوم على صلاة الفجر، وإذا سهرت لا أصحو نهائيا للصلاة. وإني مستعدة للسهر معه وقتا مناسبا و لكن بعد ذلك أذهب وأنام قبله.
زوجي يسهر على شاشة التلفاز وعلى برامج إباحية لحد كبير، ويحب حضور الأفلام التي تثيره و يحب رؤية النساء إلى حد لا يتصوره العقل وبالصدفة إحدى المرات صحوت في منتصف الليل فوجدته يتابع برامج جنسية مثيرة إلى حد لا يعقل، مع العلم أني غير مقصرة معه نهائيا من هذه الناحية بدليل أنه يعترف بذلك.
فكيف السبيل على تغيير اتجاه زوجي؟ وهل أتعرض للإثم إذا رفضت السهر معه على هذه الأفلام؟ وقد تحدثت معه كثيرا عن حرمة هذه الأفلام ولكنه ينعتني دوما بالمتشددة في الدين.
وهل النظر لهذه الصور والأفلام مما يهدم الحسنات؟ حديث الذي يأتي بحسنات كالجبال فيجعلها الله هباء منثورا لأنهم إذا اختلوا بحرمات الله انتهكوها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى إله وصحبه، أما بعد:

فمشاهدة هذه الأفلام من المحرمات, بل هي من كبائر الموبقات, لاشتمالها على كثير من المنهيات لاسيما مشاهدة عورات الأجنبيات, وهذا لا يجوز إلا في الضرورات, وقد سبق بيان حكم ذلك بالتفصيل في الفتاوى: 3605، 35048، 2778

ولا يجوز لك أيتها السائلة أن تطيعي زوجك إن هو طلب منك مشاركته في هذه الآثام؛ لأن الطاعة إنما تكون في المعروف, وقد علم من دين الإسلام بالضرورة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , فلا إثم عليك من هذا الامتناع بل لك فيه الأجر إن شاء الله.

والواجب عليك في ذلك هو استدامة النصح لزوجك, وتذكيره بحرمة هذه المنكرات، وأنها مما تغضب الله وتوجب غضبه ومقته, فإن لم يستجب فيمكنك أن تستعيني عليه ببعض أهل العلم والخير الذين ينصحونه ويبينون له خطورة ما يفعل, وأكثري من الدعاء له بظهر الغيب فرب دعوة فتحت لها أبواب السماوات يغير الله بها أحواله إلى أحسن حال.

ولا شك أن مشاهدة هذه المنكرات قد يؤدي والعياذ بالله إلى حبوط الأعمال الصالحة, وهدم الحسنات , قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}.

جاء في تفسير القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن, وقال الزهري: بالكبائر. ثم قال القرطبي رحمه الله: وعن أبي العالية: كانوا يرون أنه لا يضر مع الإسلام ذنب، حتى نزلت هذه الآية فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال, وقال مقاتل: يقول الله تعالى: إذا عصيتم الرسول فقد أبطلتم أعمالكم. انتهى.

وأيضا كما ذكرت فقد جاء في الحديث عن رسول الله: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا، أما إنهم إخوانكم و من جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وللفائدة تراجع الفتويان: 99370، 98196.

والله اعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني