السؤال
صديق لي قام بعمل رسالة ماجستير كاملة لمعيدة بالجامعة في مقابل هدايا مادية وعينية ومن خلال إغوائها له بجمالها الفتان، وبالطبع من خلال حصولها علي الماجستير أصبحت في درجة وظيفية أعلي هي درجة مدرس مساعد، وتحصل بالطبع علي مرتب من الدولة لا تستحقه، وقد تاب إلى الله عن فعلته وعزم علي عدم القيام بهذا الفعل مرة أخري، والسؤال هنا له شقان: الشق الأول وهو هل هناك شيء آخر يفعله بعد التوبة إلى الله للتكفير عن خطئه، والشق الثاني هو هل يقدم ما يمتلكه من مستندات تثبت عدم قيامها بكتابة رسالة الماجستير للجهات الرقابية أم يترك الأمر لله سبحانه وتعالي من مبدأ "دع الملك للمالك" خاصة أنها ستحصل علي درجة الدكتوراه من خلال نفس الطريقة، ولكن من خلال شخص آخر بعد أن رفض هو أن يستمر في القيام بنفس الدور مما سيترتب عليه حصولها على مال لا تستحقه، ودرجة علمية لا تستحقها؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسن صديقك في توبته مما قام به من الفعل المحرم، فإن القيام بإعداد رسالة الماجستير للمعيدة المذكورة من الغش المحرم ومن الخيانة، وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من غشنا فليس منا. وأغلب الظن أن هؤلاء الذين يأخذون رسائلهم بهذه الطريقة يأخذونها لينالوا بها وظائف دنيوية ومآرب مالية، وليتخذوا أماكن في المجتمع ليست لهم لأنهم ليسوا لها بأهل، وأخذ المال مقابل ذلك سواء كان نقوداً أو هدايا أو غير ذلك من الحرام والسحت لأنه مكتسب عن طريق غير مباح، كما يحرم على الرجل المسلم إقامة علاقة مع امرأة إلا في ظل زواج شرعي، ولا ينبغي أن يخاطب أو يكاتب أو يحادث رجل امرأة أو امرأة رجلاً إلا لحاجة، وإذا وجدت الحاجة فيجب أن يكون كل ذلك وفق ضوابط الشرع وحدود الأخلاق والأدب حتى لا تحصل فتنة، وقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وأما عن شروط التوبة فهي: وجوب الإقلاع عن الذنب فوراً، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه أبداً، وإذا تعلق الذنب بحقوق الآدمي فلا بد فيه من التخلص من حقوق أصحاب المظالم باستسماحهم والتحلل منهم أو إعطائهم حقوقهم، والذي نراه أن يقوم صديقك بإخبار المسؤولين عن حقيقة الأمر وتقديم المستندات إليهم، إذا كان ذلك يزيل الضرر الحاصل بحصول هذه المعيدة على ما لا تستحقه، كما أنه داخل في عموم النصيحة الواجبة، لما رواه مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة.. قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
أما قولك: دع الملك للمالك. فليس له أصل في الشرع، بل إن النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم فرائض الإسلام، وننصح صديقك بالإكثار من أعمال البر والنوافل، فإن ذلك يزيل أثر الذنوب ويطهر العبد من أدرانها ويبدلها حسنات، لقول الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114}، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 871، 4662، 5450، 112769، 113925.
والله أعلم.