الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء خلق الأب وظلمه للأم لا يسقط بره

السؤال

شيخنا الفاضل أرجو من الله جل وعلا أن تكون في خير الصحة والعافية ودوام النعمة عليك ..وكما أرجو أن تكون في صدرك سعة لرسالتي وسأحاول أن لا أطيل عليك بقدر الإمكان..
تبدأ قصتي يا سيدي الفاضل مع والدي حيث إنه كان على علاقة غير شرعية بامرأة متزوجة ولديها بنات منذ عشرين سنة والقاصي والداني يعرف هذا ورغم محاولة جدي رحمة الله عليه في ثنيه عن هذا الأمر إلا أنه لم يستطع وكان يسافر معها كثيرا تارة إلى تونس والمغرب ومصر ودبي وغيرها من الأماكن وكان أحيانا يزعم أنه مسافر لبعض أشغاله ولكن نفاجأ بأن يقول لنا بعض المعارف أنهم رأوه هنا أو هناك معها وبعد وفاة زوجها تزوجها وقد رزق منها بولد غير شرعي من قبل زواجه بها وهو ما أقره بلسانه وهو وقد حاول أن يعرفنا عليهم في البداية بحجة أنها زوجة صديقه لأنه قد صادق زوجها ليراها بوجوده ويسهل عليهم التنسيق فيما بينهم ويريد أن تكون هناك صداقة فيما بيننا ولكن عندما اكتشفنا الأمر هجرناهم وهو الأمر الذي لم يرضه وكرهنا بسببها وهو هجر والدتي منذ 1990 ف وهو الآن لا يقوم بواجباته تجاه منزله من حيث القوامة بكل ما تعنيه من كلمة من أبسط الأشياء إلى أكبرها متجاهلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نتعاون إخوتي فيما بيننا في المصروف ونحن ثلاثة الذين نشتغل ونحن في الأصل من إحدى الضواحي ولدينا منزل هناك وقطعة أرض موروثة من جدي رحمة الله عليه وكان خائفا منه في حين وفاته أن يبيعها لأنه قد باع العديد من ممتلكاته من سيارات وسوق خضار وقد ضيع كل ماله في ما لا يرضي الله وهو الآن معدوم الحال وما يفكر فيه أن عارضنا فكرة الانتقال كوسيلة ضغط أن يبيع المنزل وقطعة الأرض هذه وكنت قد اتفقت مع والدي من قبل في حين زواجي أن أسكن هناك ولكن قبل تحضيري للزواج أي في تفكيري بالخطبة فوجئت انه قال وهو يحلف بأنني لن أسكن هناك أبدا ولكن إلا في حالة واحدة وهي عند سكن العائلة ككل هناك علما بأني الوحيد الذي أشتغل هناك والباقي من إخوتي في طرابلس يشتغلون هنا ونحن نقطن في شقة والقصد لوالدي من هذا كله هداه الله أن يبيع الشقة ليستفيد منها ويرمينا بعيدا عنه فهي ما تبقى لنا وله في هذه الدنيا علما لصعوبة بيع المنزل الأخر الذي هو يقع في مسقط رأسنا وقطعة الأرض لما تجلبه من عار فلجأ لهذه الحيلة ليضغط علي وأنا بدوري أضغط على الأسرة إذا كنت أريد الزواج وأنا أريد الزواج ولكن ليس بضياع مستقبل باقي أفراد عائلتي لأن السكن هناك حتى جلب الخبز بعيد ويحتاج إلي مواصلات وكل شيء يجب أن تكون له سيارة ومصاريف أصعب من هنا المواصلات لإخوتي الذين يدرسون والكثير الكثير يا شيخنا الفاضل علما بأن خطبتي من إحدى العائلات المحترمة هناك ونحن من نفس العائلة فوجئت برفض والد الفتاة ولم أعرف السبب ولكن بعد التقصي اتضح لي أنه بسبب والدي فطبعا كما قلت يعرفه جميع الأقارب والجيران والأصحاب وهو لا يحسب حساب أحد بدءا من خالقه جلا وعلا و انتهاءً بنا وبأقاربنا .
عموما يا شيخنا الفاضل هذا غيض من فيض فو الله لو سردت لك المزيد لا يكفيني فيه الوقت والزمان والموضع ولاقشعر بدنك من سوء ما ستسمع وقد حاولت معه مرارا وتكرارا بالكلام وغيره ولكنه يزين لنفسه سوء عمله ولا تجد له مدخلاً ..
شيخنا الفاضل سؤالي وهو إن كان يريد أن يرمينا بعيدا في تلك المنطقة النائية هل إن كنت تصديت له بكل الوسائل قولا وفعلا وهو ما سيثير غضبه علي طبعا هل سأكون عاقا لا سمح الله وإن أطعته أكون قد أغضبت والدتي وضيعت إخوتي وهو شيء عظيم فكيف تشير علينا في التصرف معه ؟
وسؤالي شيخنا الفاضل الثاني لدي زكاة مال فهل يجوز أن أخرجها لإخوتي الذين لا يشتغلون وأنا لا أصرف عليهم بشكل مستمر يعني إذا احتاجوا إلي شيء معين طبعا مرة بعد وقت نتقاسمه أنا وأخوتي فيما بيننا الذين نشتغل وهل يجوز أن أعطي منها لوالدتي ؟
وسؤالي شيخنا الفاضل الثالث والدتي تريد الطلاق وتريد من يقف بجانبها في هذا الموضوع لأني أكبر إخوتي فما رأي فضيلتكم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لها، على قدر استطاعته لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}.

فإذا كان في طاعتك لوالدك في الانتقال إلى البيت الآخر ضرر على أمك وإخوتك، فلا تلزمك طاعته، لكن لا يجوز لك أن تسيء إليه أو تكلمه بكلام غير لائق، فمهما كان من سوء خلقه وظلمه لك أو لأمك، فإن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر ولا يبيح مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان14-15}.

أما عن دفع زكاة مالك لأمك فلا يجوز، لأنها ذات زوج ونفقتها تجب عليه. وإن لم ينفق عليها لعجزه أو ظلمه وجبت نفقتها عليك حينئذ، وأما دفعها إلى إخوتك إذا كانوا محتاجين فذلك جائز بشرط أن تملكهم إياها وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4133 .

ولكن الأولى أن تعطيهم من غير الزكاة، إذا كان في مالك سعة، ولك في ذلك الأجر الكبير إن شاء الله.

وأما عن طلب والدتك الطلاق ، فإن هجره لها وترك إنفاقه عليها ضرر بيّن يبيح لها طلب الطلاق ، فلا حرج عليك في إعانتها على ذلك ، بشرط عدم الإساءة إلى الوالد أو إيذائه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني