الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإحسان إلى الأم واستشعار عظم حقها

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما و لي 3 أخوات أصغر منى، تركنا أبى منذ صغرنا منذ 16 عاما وقامت أمي بتربيتنا و قد أصابني الله بمرض السكر منذ 9 أعوام الحمد لله وتمت خطبتي 3 مرات المرة الأولى لابن خالتي ولكن لم يتم النصيب فُسخت الخطبة لأنه كان لا يريد العمل ويريد أن يصرف عليه والده الذي يعمل بدولة عربية و كانت أمه صاحبة الكلمة في بيتهم الله يسامحها، وفي الخطبة الثانية لم يتم النصيب أيضا لعدم اتفاقي معه في الطباع، أما في الخطبة الثالثة لم يتم النصيب أيضا حيث إني وافقت عليه وهو من بلد مجاور لبلدنا و كنت أخشى من أني لا أستطيع التأقلم في بلده ولكنى غصبت على نفسي خوفا من الله سبحانه و تعالى فقلت لنفسي لعله يكون شخصا يتقي الله وفي أثناء الخطوبة حدثت أمور أدت إلى فسخ الخطبة كانت أمي وأخي لا يحبان أن يطول في زيارته لي وهذا هو سبب المشكلة بينهم وازداد الكره له من ناحية أمي و أخي لدرجة أني حاولت التوفيق بينهم ولكن لم يتم التوفيق وفي مرة أخرى حصل بيني وبينه مشادة فوجدته يحلف حلفا حراما ويقول: علي الحرام من ديني. و من هنا فُسخت الخطبة كما لو أن القدر يكتب لي أن تفسخ هذه الخطبة أيضا ؟و لكن في ظل هذه الخطبة و هذا هو ما أود السؤال عنه طلبت من أمي 2000 جنيه لكي أكمل جهازي مستلزمات عرسي و لكنها رفضت و قالت لي إنك تعملين جهزي نفسك بنفسك، أنا فلوسي التي معي أدخرها لما يمكن أن يحصل لي من حوائج، وما يحز فى نفسي أن ترفض أمي مساعدتي على الرغم من أنى أتحمل مسؤولية نفسي وأساعد في مصارف البيت وهي ترفض مساعدتي لدرجة أنى كنت أنام الليل باكية وهي تراني أشعر من وقتها بفتور في قلبي ولكن سرعان ما أعود ثانيه لحناني من ناحية أمي، أمي قد أصيبت الأن بمرض الكبد شفاها الله وعفاها لكني أخاف الله فأنا أشعر من داخلي بحزن شديد، حزينة لافتقادي الحنان وحزينة بسبب هذا الفتور الذي أصاب قلبي، دلوني بالله عليكم على ما أفعل، وما هو التصرف السليم في هذا الموقف مع أمي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى عليك أيتها السائلة أن حق الأم عظيم بل إن حقها هو أعظم الحقوق على الرجل بعد حق الله تعالى وأعظم الحقوق على المرأة بعد حق الله وحق الزوج.

جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.

ولا تنسي ما صنعت أمكم معكم من تربيتكم والصبر عليكم وعلى فراق أبيكم فهذا ولا شك جهد مشكور وهو مما يؤكد حقها وبرها ويضاعف فضلها عليكم .

وفي الحقيقة فإن ما فعلته أمك من منعك من المال الذي طلبت, ليس ظلما لك – إذا كان هذا المال خاصا بها فإن مالها لها تتصرف فيه كما تشاء، كما أن لك أن تتصرفي في مالك كما تشائين, ولا يلزم أمك تجهيزك في زواجك بل لا يلزمك أنت تجهيز نفسك شرعا لأن الشريعة قد جعلت جميع ذلك على الزوج وحده, فجعلت عليه المهر والكسوة والمسكن وأثاث السكن ولا تطالب المرأة بشيء من ذلك , وأما ما جرى به العرف في هذه الأيام من أن تساهم المرأة وأهلها في ذلك فلا بأس به , ولكن ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل التبرع والتطوع.

فلا ينبغي أن يضيق صدرك من فعل أمك خصوصا وأنها لم تمنعك مالها في شيء تحتاجينه على سبيل الضرورة بل في شيء أنت غير مطالبة به أصلا.

فهوني عليك الأمر ولا تعطي الأمر فوق قدره، وليكن همك أن تجاهدي نفسك فيما تجدينه من وجد وضيق من أمك بسبب ما حدث, واحذري كل الحذر أن يعظمه الشيطان في قلبك فيجرك هذا إلى عقوق أمك أو التقصير في حقوقها أو بعض حقوقها فحقها عليك عظيم خصوصا وقد نزل بها ما نزل من المرض، واعلمي أن برك بأمك وإحسانك إليها وصبرك عليها خير لك من الدنيا وما فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني