الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يريد أن يطلق امرأته لتقصيرها في دينها

السؤال

سؤالي هو:
أنني أفكر جديا في طلاق زوجتي التي لي منها 3 أطفال -ولد عمره 5 سنوات، وابنتين: 8 و1 سنة- حيث إننا قد أصبحنا مختلفين جدا في أهدافنا ومقاصدنا وأسلوب حياتنا. والسبب أنني أسعى ومنذ سنوات لجلب سبل الهداية لها، وتبيان ما يجب عليها اتجاه ربها ودينها، إلا أنني لم أتمكن من ذلك حيث إن الهداية بيد الله كما هو معلوم.
والمشكلة أن أسلوب الغفلة الذي لا تزال تعيش فيه بدأ يؤثر سلباً على تربية أبنائي، لكون البيئة والأقارب ليسوا ملتزمين كما يجب كذلك. وأنا حاليا بصدد تجهيز نفسي وأبنائي للانتقال من مدينتي الحالية في السعودية إلى المدينة المنورة سعياً مني لمحاولة أخيرة لجلب سبل الهداية لها إن شاء الله. وقد رفضت الطلب لتغيير المدينة لكونها مرتبطة جدا بأهلها وزياراتهم وخصوصا والدتها. فأنا لا يوجد أمامي خيار، إما أن أصبر وأرى أبنائي يتأثرون بالبيئة السلبية المحيطة، وبعدم وجود الأم القدوة الحسنة، وإما أن أطلقها وأفر بأبنائي لتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة في بيئة سليمة. والسلبيات التي يتعرض لها أبنائي حاليا في بيئة أقاربهم هي: وجود القنوات الفضائية السيئة، وعدم الالتزام باللباس الشرعي -فلبس البنطال عند البنات أصبح عاديا- وكثرة الخروج بدون حاجة، و اللهو والغفلة. فبم تنصحوني يرعاكم الله؟
وهل طلاقي لمثل هذا السبب مستحب أم مكروه؟
مع العلم أن زوجتي تصلي وتصوم ولكنها معرضة عن الكتاب ودراسته وطلب العلم الشرعي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننصحك أيها السائل بمزيد من الصبر والحلم على زوجتك، وأن تنوع لها في أسباب الدعوة والإرشاد بما يتناسب مع طبيعتها واهتماماتها, ومن أنجع هذه الوسائل أن تربطها ببعض الأخوات الصالحات اللاتي يتقين الله، فهؤلاء- إن شاء الله- سيكن خير عون لها على القيام بأمر الله سبحانه, واحرص دائما أن يكون أسلوبك معها في الإرشاد والوعظ رفيقا رقيقا فقد قال الله سبحانه لنبيه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. {آل عمران: 159}

أما ما تشكو منه من تأثرها وأولادك ببيئة أهلها فهذا يمكن علاجه بأن تمنعها من زيارة من تخشى عليه إفسادها حتى ولو كانوا أرحامها, وأن تمنع أولادك كذلك من زيارتهم.

أما رفضها أن تنتقل معك إلى حيث تريد فهذا لا يجوز، لأن المرأة يجب عليها الانتقال مع زوجها حيث انتقل, قال مالك في المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت. انتهى.

ولكن هذا الانتقال لا بد له من شروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 72117.

فإن رفضت الانتقال معك فهي ناشز، وقد بينا حكم الناشز وكيفية التعامل معها في الفتوى رقم: 1103.

فإن تمادت في نشوزها فلك أن تطلقها حينئذ، فإذا طلقتها وانتقلت للإقامة في مكان آخر فأنت أحق بحضانة الأولاد, سواء على القول بأن الأب هو الأحق بحضانة أولاده عند سفره سفر نقلة، أو على القول بمراعاة مصلحة الطفل في ذلك, فإن مصلحتهم ولا شك في البقاء مع من يؤدبهم ويعلمهم أمور دينهم.

قال ابن القيم بعد ذكر أقوال العلماء في المسألة: وهذه أقوالٌ كُلها كما ترى لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلبُ إليه، فالصوابُ النظر والاحتياط للطفل في الأصلح له والأنفع مِن الإِقامة أو النقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له وأصونَ وأحفظَ، روعي، ولا تأثيرَ لإِقامة ولا نقلة. انتهى من زاد المعاد.

على أننا نوصي السائل بالتريث، وعدم الاستعجال والتفكير قبل الإقدام على الطلاق، فإن الطلاق على افتراض أنه الأولى فإنه قد لا يحقق ما يصبو إليه من تربية أبنائه حيث أراد ، وعزلهم من البيئة الفاسدة حسبما ذكر، فإن مسألة حضانة الأولاد من المسائل الخلافية، وقد لا ترى المحكمة الشرعية انتزاع الأبناء من أمهم لغرض كهذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني