الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رئيسه تسبب في فصله بعد ما أخبر المدير بأخطاء وقع فيها

السؤال

أعمل في شركة ورئيسي في العمل يتلصص لي في الأخطاء دائمًا، ويبلغها للمدير بحجة أنه حريص على مصلحة العمل، وكثيرًا ما قلت له بأن هذا لا يجوز، ولكن لا فائدة من ذلك.. وفي يوم من الأيام طلب مني جزءًا من مكافأتي هكذا دون مقابل، أو كهدية بالرغم أنه أغنى مني بكثير، فأعطيته بغرض أن يبتعد عني ويتركني وشأني، ولكنه يظن أنني أعطيته المال هدية، كما أنني اشتركت معه في كثير من الأعمال على أن آخذ منه مقابل ذلك، ولكن حياءً مني قلت له لن آخذ منك شيئًا، وسرعان ما وافق على ذلك، وفي النهاية لم يرتدع عن تشويه صورتي عند المدير، وكثيرًا ما يشهر بأخطائي عنده على الرغم من أن أخطاءه أكثر من أخطائي بكثير، ولكن خوفي من الله منعني من الإساءة إليه إلى أن وصل الأمر بالمدير أن فصلني لعدم كفاءتي، وإنا لله وإنا إليه راجعون، علماً بأن المدير على دين وخلق وعلم.. ولكن الحاشية أو البطانة كلنا نعلم أن لها أثر السحر على الآخرين.. فما كان مني إلا أن ذهبت إلى هذا الرجل وطلبت منه ما أعطيته من مال فرفض، وقال لي ليس لك عندي شيء هي هبة ليس لك أن ترجع فيها، فقلت له أخبرك أنها ليست هبة، وأنا غير مسامح فيها - وأظن أنه يعلم في قرارة نفسه أنني غير راض منذ البداية، فهل هناك عاقل يعطي ماله أحدًا دون مقابل- .. السؤال الآن.. هل يجوز لأي إنسان أو حتى رئيس العمل أن يبلغ الأخطاء لرب العمل حتى لو اكتشفها قبل أن تقع بالفعل؟ وإن كانت الإجابة بالإيجاب فقل يا رحمن يا رحيم على خلق الله، السؤال الثاني.. هل لي أن أسترد حقي منه أم أن القانون لا يحمي المغفلين؟ وكيف ذلك؟.. أرجو توجيه كلمة لكل من تسول له نفسه بالعبث في أرزاق الناس مع الأدلة إن أمكن.. وأعتذرعن الإطالة.. وأرجو الإجابة دون إحالة.. وجزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم، وأكثر من أمثالكم..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان من مقتضى عمله إشرافه عليك والوقوف على أخطائك في العمل والإبلاغ عنها فلا حرج عليه في ذلك، بل يلزمه إعلام مديره بتلك الأخطاء لتصويبها والنظر في شأنها.

وأما إذا لم يكن ذلك من عمله فلا يجوز له أن يتجسس عليك ويترصد أخطاءك، ويشي بك إلا إذا رأى خطأ قد يضر بالعمل، فله حينئذ أن ينصحك أولا لتكف وتصلح من خطئك، فإن لم ترتدع فله إبلاغ الجهة المسؤولة، وراجع الفتوى رقم: 65124.

وأما ما أعطيته من هدايا ليتغاضى عن أخطائك فهو رشوة محرمة وغلول فلا يجوز له أخذها، ولك حق المطالبة بها؛ لأنها باطلة شرعا، كما تجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من ذلك. وانظر الفتاوى رقم: 37434، 5794.

وننبه إلى أن الله تعالى قد حرم أكل أموال الناس بالباطل، فحرم الربا ولعن آكله وتوعده بالحرب، وحرم الرشا ولعن الراشي والمرتشي وفي رواية والرائش بينهما، وحرم هدايا العمال وسماها غلولا، وحرم السرقة ورتب عليها قطع اليد وهكذا، ثم إنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد. وقال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

فأموال الناس معصومة كأعراضهم ودمائهم، فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، كما في الحديث الصحيح.

فعلى من يتقحم تلك النواهي ويأكل أموال الناس بالباطل أن يعلم أنه سيرد ما أخذ إن عاجلا وذلك خير له، أو آجلا حين لا درهم ولا دينار، إنما هي حسنات وسيئات، وهو يومئذ أحوج ما يكون إلى حسنة بل نصف حسنة أو أقل. فليتق الله وليتحلل من مظالم الناس قبل فوات الأوان، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني