السؤال
رجل من جماعة المسجد سعى لإنشاء ملعب لكرة القدم مجاور للمسجد لا يفصل بينهما إلا الشارع، يلعب فيه الأولاد حتى في وقت الصلاة، وأحسنهم حالاً من يأتي وقد فاته كل أو جل الصلاة، مع أن الكثير من جماعة المسجد يناصحونهم وينكرون عليهم بالحسنى دون جدوى حتى ملوا منهم. فهل يأثم بفعله وهل نيته بتسلية أولاد الحارة بالرياضة تشفع له؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال الأحرار العقلاء القادرين عليها دون حرج، على الصحيح من أقوال العلماء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36549 .
ولا تجب على النساء والعبيد والصبيان وذوي الأعذار. والأولاد غير البالغين لا تجب عليهم الصلاة فضلًا عن وجوب الجماعة في المسجد وإنما المستحب تعويدهم عليها، وأمرهم بها إذا بلغوا سبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشرا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني.
والأمر الوارد للأولياء في الحديث السابق حمله الحنفية والشافعية والحنابلة على الوجوب، والمالكية على الندب كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 55875.
وكون هذا الرجل سعى في إنشاء ملعب لأولاد الحي فهذا مما يحمد عليه إن كان له مقصد حسن من حفظ الأولاد أمام أعين أوليائهم، وللترفيه عنهم بالمباحات بدلًا من انشغالهم بالمحرمات من الألعاب، وإن كان دور هذا الرجل قد انتهى بالسعي في إنشاء الملعب وليس بيده منع أحد من اللعب فيه وقت الصلاة فلا إثم عليه في ذلك؛ لأنه لا تلازم بين وجود ملعب ولو قريبا من المسجد وبين ترك المحافظة على الجماعة، بل إن قرب الملعب أحيانا من المسجد يسهل صلاة الجماعة على كثير ممن يلعبون لأنه يوفر لهم وقت الانتقال إن كان المسجد بعيدا، ويجعلهم يستحون من اللعب والمصلون في المسجد يقيمون الجماعة، وفي هذه الحال الأمر راجع إلى أولياء هؤلاء الأولاد بمنعهم من اللعب وقت الصلاة تعويدا لهم على الجماعة، وينصح أن يتم ذلك بالترغيب والرفق وعدم الملل وإن تكرر نصحهم؛ لأن هؤلاء الأولاد إن لم يكونوا بالغين فلا تجب عليهم صلاة الجماعة.
وأما إن كان بيد هذا الرجل منع هؤلاء الأولاد من اللعب وقت الصلاة بأن كان الملعب مما يمكن أن يغلق وقت الصلاة وبيده إغلاقه، أو كان مالكا له، وكان الأولاد بالغين ولم يمنعهم فهذا من التعاون على الإثم، ويأثم لمعاونته لهم على هذا؛ لقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2}. وإن لم يكن بيده منع ذلك ولم يكن الملعب ملكا له أو كان بيده منع ذلك ولكن هؤلاء الأولاد صغار لا تجب عليهم الجماعة فيكره هذا الفعل في حقه؛ لأنه بهذا يفتح ذريعة تعويد الأولاد على ترك الجماعة والانشغال باللعب عن الصلاة مما يخشى أن يكون له أثر نفسي سيئ على الأولاد في المستقبل، والنية الحسنة من حيث العموم لا تجعل العمل السييء حسنا، ولكن تجعلكم تترفقون في النصح وتتجنبوا الغلظة والشدة؛ لقول الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ. {آل عمران:159}.
ويحسن الإطلاع على الفتاوى التي بينا فيها أن صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر كالفتويين رقم: 1798، 35578.
ولبيان حكم التخلف عن الجماعة بسبب ممارسة الرياضة، يرجى الاطلاع على الفتويين رقم:60611 ، 61321.
والله أعلم.