السؤال
سؤالي بارك الله فيكم: كنا نبحث عن شقة في مدينة الدوحة فوجدنا في مجلة ـ الوسيط ـ عن طريق النت إعلانا عن شقة فكان الهاتف المسجل للاتصال به هاتف السمسار، فلما تقابلنا معه قال لنا إن هذه البناية توجد بها شقة في الدور الأول والثاني، ففوجئنا من الحارس أنه توجد شقة في الدور الخامس رأيناها فأعجبتنا ولكن السمسار كان حريصا على أن لا نأخذها لأن ناسا آخرين تفرجوا عليها، ولكن الحارس عنفه وقال لازالوا يتفرجون ولا أحد اتفق معه عليها، والشاهد أن السمسار يريد منا أن نختار شقة: إما في الأول وإما في الثانى لكن الحارس هو الذي عرفناعلى الشقة التي في الدورالخامس والتي اخترناها وكتبنا العقدعليها، وقال لنا الحارس وصاحب البناية إننا لا نتفق مع سمسرة، فهل للسمسار حق في أخذ إيجار نصف شهر كان هو السبب في أن نعرف البناية، ولكن ليس هو السبب في الشقة التي أعجبتنا في الدور الخامس، بل كان حريصا على أن لا نأخذها لأن أناسا يتبعون له تفرجوا عليها، و كان يريد أن نأخذ شقة في الدور الثاني وفوجئنا أنه توجد شقة في الخامس وكتبنا العقدعليها.
فهل يجوز له أن يأخذ شيئا من المال منا؟ مع العلم أن الحارس وصاحب البناية لم يرحبوا به.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسمسرة جائزة في الجملة، والعلماء يذكرونها في باب الجُعل، وفائدة السمسار أنه يُسهل على المشتري أو المستأجر وغيرهما من ذوي الحاجات الحصول على حاجتهم.
قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. ولمعرفة حكم السمسرة وضوابطها راجعي الفتويين رقم: 5172، 10315.
وإن كان السمسار قد دلكم على غرضكم فإنه يستحق ما اشترط له من أ جر أو جعالة أو ما جرى به العرف في ذلك إن لم يكن بينكم وبينه شرط على مبلغ محدد.
جاء في كشاف القناع: فمن فعله -أي العمل المسمى عليه الجعل والسمسرة داخلة في الجعالة بعد أن بلغه الجعل، استحقه كدين أي كسائر الديون على المجاعل، لأن العقد استقر بتمام العمل فاستحق ما جُعل له. انتهى.
وأما كون الشقة التي اخترتموها غير التي اختارها هو لكم، فإن ذلك لا يؤثر على حقه، إذ حقه في الدلالة وليس الاختيار.
هذا، إذا كان شرط السمسرة على مجرد الدلالة على مكان الشقق، وأما إن كان موضوعه حصول التراضي وتأجير ما دل السمسارعليه فلا أجرة له هنا في قول بعض أهل العلم؛ لأن الشقة التي وقع الاتفاق عليها لم يدل عليها، وإنما دل على غيرها فلم يتم عمله، قال البهوتي في كشاف القناع: ومتى وجدت الصفة التي علق العتق عليها كاملة وهو في ملكه عتق لوجود الصفة فإن لم توجد كاملة لم يعتق كالجعل في الجعالة.
أي أن صاحب الجعالة كالسمساروغيره لا يستحقها إلا على تمام الشرط وتحقق الصفة، وهنا إن كان الشرط على أن يتم تأجير الشقة التي يدل عليها السمسار، فإن ذلك لم يحصل فلم تتحقق الصفة ولم يكتمل الشرط الذي يستحق عليه أجره وجعالته وهي لا تتجزأ.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يستحق قيمة عمله ونحوه إن استفيد منه كما هو الحال هنا؛ لأن السمار وإن لم يدل على الشقة التي تم تأجيرها، فإنه قد دل على مكان العمارة وصاحبها ونحو ذلك مما استفاد منه مستأجرها، جاء في حاشية الدسوقي: إلا أن يحصل الانتفاع بالعمل السابق بأن يستأجر أو يجاعل على تمام العمل الأول أو يتمه بنفسه أو بعبيده، إلخ. انتهى. أي أنه إذا انتفع بعمله استحق عليه مما جوعل به بنسبته، وهذا قول ابن القاسم وهو ما نراه راجحا لما فيه من حفظ حق السمسار وعدم ظلم رب العمل.
وبناء عليه فللسمسار هنا من الأجر بقيمة عمله ونسبته حيث استفيد منه.
وننبه إلى أنه يجوز للسمسار أن يأخذ حقه من طرف واحد أو من طرفين على حسب ما يقع من اتفاق، وراجعي الفتويين رقم: 12546، 23575.
والله أعلم.