السؤال
لقد حصل لي تورط كبير بتعليق طلاق زوجتي على أمور كثيرة وأريد الخروج من هذه التعليقات حفاظا على حياتنا وأولادنا، خصوصا أنني سبق وأن طلقتها، ووجدت كلاما مقنعا للإمام ابن حزم الظاهري يفيد بعدم اعتبار تعليق الطلاق مطلقا سواء قصد الطلاق أو المنع. والسؤال:
هل يجوز لي تقليده والأخذ بقوله ليكون حجة لي عند الله، خصوصا والمسألة ليس فيها دليل شرعي واحد يكون فصلاً بين المختلفين؟ وما حكم قراءة فتاوى أئمة المذاهب والعمل بمقتضاها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق المعلّق الذي قصد به التهديد حكمه عند الجمهور أنه يقع به الطلاق إذا وقع ما علّق عليه، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمّية إلى عدم وقوعه، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، والراجح عندنا هو قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 19162.
أمّا الطلاق المعلّق الذي قصد به الطلاق فهذا يقع به الطلاق عند وقوع ما علق عليه، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على هذا ومنهم ابن حزم نفسه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والثاني وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة، فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت، كقوله: أنت طالق عند رأس الشهر.
وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق ولم نعلم فيه خلافا قديما، لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق وهو قول الإمامية، مع أن ابن حزم ذكر في ـ كتاب الإجماع ـ إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق. مجموع الفتاوى.
وهذا نص كلام ابن حزم في كتابه ـ مراتب الإجماع : واتفقوا أن الطلاق إلى أجل أو بصفة واقع إن وافق وقت طلاق، ثم اختلفوا في وقت وقوعه فمن قائل الآن ومن قائل هو إلى أجله. مراتب الإجماع لابن حزم.
ومما ذكر يتبين لك مذهب ابن حزم في المسألة.
أمّا عن العمل بفتاوى أئمة المذاهب، فإذا كان الإنسان من أهل الاجتهاد فهذا يعمل بما ترجح عنده بالدليل الشرعي، وإن كان ممن يستطيع الوقوف على أدلة كل مذهب في المسألة والترجيح بينها، فهذا يلزمه العمل بما تظهر له قوته من دليل في أي مذهب كان.
وأما من كان من العوام، فإنه يجوز له تقليد مذهب معين والعمل بما فيه، وعليه أن يسأل عالما يخبره بما تقرر في ذلك المذهب، كما يجوز له أن لا يقلد مذهباً، وما أشكل عليه سأل عنه من يثق في علمه دون اتباع للهوى أو تتبّع للرخص.
قال النووي في روضة الطالبين: وليس له التمذهب بمجرد التشهي، ولا بما وجد عليه أباه، هذا كلام الأصحاب، والذي يقتضيه الدليل أنه ـ أي العامي ـ لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من يشاء أو من اتفق، لكن من غير تلقط للرخص.
وانظر الفتويين رقم: 17519، 6787.
والله أعلم.