السؤال
سؤالي هو: أنا أملك –الملك لله وحده- هاتفا جوالا يدعى أي فون ، ويوجد له برامج إسلاميات جدا رائعة ولكن بعض المواقع كإسلام أي فون يبيعونه بالمال، كالقرآن الكريم كاملا يبيعونه بعشرين دولارا وبرنامج البخاري، بعض المخترقين الذن لا أعرفهم اخترقوا هذه البرامج ووفروها بالمجان، فوضعت الطريقة المجانية بالموقع فاتهموني بالسارق وكتب حديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه. أنا من رأيي الشخصي أن القرآن الكريم يجب أن يتوفر للجميع بالمجان كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. وبخصوص الربح المادي الذي يسعون إليه أيضا قال الله تعالى في كتابه الكريم: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. مع العلم أني لم أخترقه ولا أدري شيئا عن الاختراق، ولكن أحببت أن يستفيد الجميع من القرآن الكريم البرامج الدينية الرائعة، لعل الله سبحانه وتعالى هو الذي أوعز إلى المخترقين اختراقه، ليكون بين أيدي الناس بالمجان لمن لا يقدر الدفع أو لا يملك كريدت كارد أو لأي سبب كان أجهله. أريد فتوى لو سمحتم؟ ودائما وأبدا الله أعلم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسخ البرامج المحمية التي احتفظ أصحابها بحقوق طبعها ونشرها ولو كانت تلك البرامج للقرآن والحديث ونحو ذلك من كتب العلم لا يجوز، لما في ذلك من الإضرار بالغير لما أنفقوه في إعداد تلك البرامج أوشرائها، فلايجوز نسخها وتنزيلها دون إذنهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد.
وهو كذلك اعتداء على أموال الناس بغير حق، قال النبي صلى الله عليه و سلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الدارقطني وهو صحيح.
كما لايجوز أخذها ممن غصبها واعتدى عليها فالآخذ من الغاصب أوالسارق أوالمعتدى مثلهم ما دام يعلم أنهم قد اعتدوا على حق غيرهم .
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: أصله في المدونة أنه يرجع أولا على الواهب إلا أن يعدم فيرجع على الموهوب إلا أن يكون عالما بالغصب فهو كالغاصب في جميع أموره.
لكن إذا احتاج المرء إلى نسخ تلك البرامج لعدم وجود النسخة الأصلية أو عجزه عن شرائها جاز له نسخها للنفع الشخصي فقط في قول بعض أهل العلم بشرط ألا يتخذ ذلك وسيلة للكسب أو التجارة، ولا بد من الاقتصار هنا على قدر الحاجة، لأن الزيادة عليها بغي وعدوان وهو موجب للإثم، وراجع الفتويين: 1033 ، 13169.
وأما ما استدللت به من الأدلة فإنه ليس في محله، لأن تيسير القرآن للذكر لاينافي أخذ ثمن على المصاحف ونحوها لأن المبيع ليس هو كلام الله إذ لاثمن له، وإنما المبيع هو الأوراق والمداد وجهد الكتابة وذات البرامج التي طبع عليها. وانظر الفتويين: 50824، 22776.
وأما الآية الأخرى: من كان يريد حرث الآخرة ...إلخ. فمعناها كما قال القرطبي: أي من طلب بما رزقناه حرثا لآخرته، فأدى حقوق الله وأنفق في إعزاز الدين، فإنما نعطيه ثواب ذلك للواحد عشرا إلى سبعمائة فأكثر.
ومن كان يريد حرث الدنيا . أي طلب بالمال الذي آتاه الله رياسة الدنيا والتوصل إلى المحظورات، فإنا لا نحرمه الرزق أصلا، ولكن لا حظ له في الآخرة من ماله. قال الله تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا*وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا.{الإسراء:19،18}.
فهي بعيدة عما استدللت بها عليه وإنما يستدل هنا بقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا. {البقرة:275}.
والله أعلم.