السؤال
أنا رجل مصري، سألتُ شيخا عندنا في مصر عن الفجر وتوقيته، وهل هو توقيت صحيح أم لا؟ فقال لي، بل إنه غير صحيح، فالمؤذنون يؤذنون قبل الفجر بمدة تتراوح بين 13 إلى 23 دقيقة، وفي يوم من أيام رمضان عند السحور أصيبت ابنتي ببرد مما جعلها تستقيء ويخرج من فمها بعض الطعام وكان الفجر قد أذن قبل 5 دقائق فأمرتها أن تشرب معتمدا في ذلك على قول الشيخ أنه لا يزال الوقت الحقيقي للفجر لم يحن بعد ـ وحتى توافق على ذلك ـ شربتُ أمامها حتى أقنعها، وبعدها فكرت في الأمر فوجدتُ نفسي في حيرة من أمري.
والسؤال الآن: ما هو الحكم الشرعي فيما فعلتُ؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد انتشرالخلاف في مدى صحة وقت الأذان للفجر بمصر، وانظر الفتوى رقم: 10384، والذي ننصح به للخروج من عهدة هذا الخلاف أن لا يصلي المصلي إلا بعد نحو ثلث ساعة من الأذان وأن يمسك مع وقت التقويم احتياطا للعبادة، وعلى كل، فإن الفجر الذي يحرم الطعام ويبيح الصلاة: هو الفجر الصادق، وأما الفجر الكاذب والذي يكون كذنب السرحان مستطيلا في الأفق فلا يترتب عليه تحريم الطعام ولا يدخل به وقت الصلاة، وقد بينا هذا المعنى في فتاوى كثيرة وانظر منها الفتوى رقم: 6593.
وإذا كنت قد شربت أنت وابنتك معتقدين أن وقت الفجر الصادق لم يدخل فلا شيء عليكما، لقوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ {البقرة:178}.
وكذا إذا كنتما شربتما شاكين في طلوع الفجر فلا شيء عليكما عند جمهورأهل العلم، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فصل: وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه أحمد، وهذا قول ابن عباس وعطاء والأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي، وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ وقال مالك يجب القضاء، لأن الأصل بقاء الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك، ولأنه أكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو أكل شاكا في غروب الشمس. ولنا قول الله تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود. مد الأكل إلى غاية التبين وقد كان شاكا قبل التبين فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل. وقال النبي صلى الله عليه و سلم: فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت. ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك من ما لم يعلم يقين زواله، بخلاف غروب الشمس فإن الأصل بقاء النهار فبني عليه. انتهى.
وبه تعلم أنه لا شيء عليكما ـ إن شاء الله ـ وإن كنا ننصحك بمراعاة الخلاف الواقع في وقت الفجر، وأن تخرج نفسك منه ما وجدت إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.