الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك أن تبيع مثل هذه البضائع قبل أن تملكها وتحوزها، لورود النهي عن بيع المرء لما ليس في ملكه فعن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال: لا تبع ما ليس عندك. رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي.
فلا يجوز للمرء أن يبيع ما لا يملك بلا خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً. انتهى.
ويستثنى من بيع ما ليس عند الشخص بيع السَّلَم، فهذا البيع جائز بشروط من أهمها: تسليم رأس المال ـ أي الثمن ـ للمسلم إليه ـ أي البائع ـ في مجلس العقد، وأن يكون المسلم فيه مما يمكن ضبطه بالوصف الذي تختلف فيه الأغراض، وراجع في بيان شروط بيع السلم الفتوى رقم: 11368.
وعلى هذا، فيجوز لك أن تبيع هذه المنتجات إذا كانت مباحة عن طريق بيع السلم بتلك الشروط، كما يجوز لك أن تعرض هذه المنتجات لمن يرغب بشرائها دون إبرام عقد البيع، فإذا طلب شخص سلعة ما ووعد بشرائها بلا إلزام له بشرائها، جاز أن تشتريها ثم تبيعها إليه بعد ذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 23846.
وهذا البيع لا ينعقد أصلاً فيجب أن تسترد هذه السلعة أو قيمتها من المشتري إن فاتت وترد ثمنها إليهم ولا يجوز لك الانتفاع به، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما حاصله: شروط المبيع: للمبيع شروط منها: أن يكون مملوكا لمن يلي العقد إذا كان يبيع بالأصالة، واعتبر الحنفية هذا الشرط من شروط الانعقاد فيجب أن يكون المبيع مملوكا في نفسه، فلا ينعقد بيع الكلإ مثلا.
وأن يكون المبيع ملك البائع فيما يبيعه لنفسه، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكا ـ وإن ملكه بعد ـ إلا السلم والمغصوب بعد ضمانه والمبيع بالوكالة أو النيابة الشرعية، كالولي والوصي والقيم.
وقد استدل لعدم مشروعية بيع ما لا يملكه الإنسان بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه: لا تبع ما ليس عندك. هـ .
وجاء في الفواكه الدواني: ولا يجوز أي يحرم عليك بيع ما ليس عندك على شرط أن يكون عليك يا بائع الشيء الذي بعته والحال أنه ليس عندك حالا أي معجلا، فإن وقع فسخ، لأن الأصل فيما لا يجوز الفساد، وترد السلعة إن كانت قائمة. اهـ .
فالمال المكتسب من هذه التجارة ليس ملكاً لك ويجب عليك رده إلى أصحابه وتسترد السلع التي بعتها.
لكن إذا كنت تعقد عقداً جديداً بعد أن تشتري هذه السلع فلا حرج في هذا البيع ولك أن تنتفع بأرباح هذه التجارة وتكفي التوبة من العقد الأول المحرم.
أما دفع العربون فله حالتان:
الأولى: أن يتم عقد البيع بشروطه الشرعية ومنها: أن يكون المبيع في ملكك وحوزتك ثم يدفع المشتري العربون على أنه إن تم البيع كان جزءا من الثمن وإن لم يتم البيع فلا شيء للمشتري، فهذا العربون جائز عند الحنابلة خلافاً للجمهور.
الثاني: أن يتم دفع العربون قبل عقد البيع، وفي هذه الحالة إن تراجع المشتري عن إتمام البيع وجب رد العربون إليه ولا يجوز أخذه.
وراجع حكم العربون مفصلاً في الفتويين رقم: 24813، ورقم : 75387.
والله أعلم.