الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السر في تنكير البلد في آية (... رب اجعل هذا بلدا آمنا)

السؤال

لدي استفسار في الثقافة الدينية لتدعيم رصيدي الديني أكثر وهو: قال الله تعالى في سورة إبراهيم: رب اجعل هذا البلد آمنا. وقال في سورة البقرة: رب اجعل هذا بلدا آمنا. فما هو السر في تعريف الأول ( البلد ) وتنكير الثاني ( بلدا ) وفي الأخير أتمنى أن تفيدوني بردكم في أقرب الآجال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن الأقوال التي ذكرها أهل التفسير في سر تنكير البلد وتعريفه في الآيتين المشار إليهما: أن إبراهيم عليه السلام سأل الله تعالى في الموضع الأول في سورة البقرة للمكان الخالي الذي ترك فيه زوجته وولده أن يكون بلدا آمنا. وفي سورة إبراهيم كان الدعاء بعد عمران البلد فجاء الدعاء للبلد بالتعريف.

قال الألوسي في روح المعاني: سأل في الأول: أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن كأنه قال: هو بلد مخوف فاجعله آمناً.

وقال أبو حيان في البحر المحيط: وهذا إشارة إلى الوادي الذي دعا لأهله حين أسكنهم فيه. أو إلى المكان الذي صار بلداً، ولذلك نكره فقال: بَلَدًا آمِنًا. وحين صار بلداً قال: رَبّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا.

وقال الزمخشري في الكشاف: أي اجعل هذا البلد أو هذا المكان بلدا ءامنا. وقال أبو السعود: رب اجعل هذا بلدا آمنا: ذا أمن.. أي اجعل هذا الوادي من البلاد الآمنة وكان ذلك أول ما قدم عليه السلام مكة..

وعلى ذلك يكون ما جا ء في سورة البقرة دعاء للمكان الخالي الذي ترك فيه زوجته وولده أن يكون بلدا عامرا آمنا. وفي سورة إبراهيم كان الدعاء بعد عمران البلد فجاء الدعاء للبلد بالتعريف.

وهناك أقوال أخرى وتوجيهات ذكرها أهل العلم لا يتسع لها المقام، انظرها في التفاسير المشار إليها وفي غيرها.

وننبه السائل الكريم إلى أن النص الصحيح للآيتين الكريمتين هو: في سورة البقرة يقول الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ. {البقرة: 126}.

وفي سورة إبراهيم يقول تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ.{إبراهيم : 3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني