السؤال
أهلي يحتالون على عداد الكهرباء بطريقة معينة تمكنهم من دفع مبلغ مالي قليل جداً للشركة في نهاية الشهر، لذلك صرت أمنع نفسي من استعمال الكثير من الأدوات التي تعمل بالكهرباء في المنزل كالتلفاز والمصابيح والمكواة وحتى شاحن بطارية الهاتف، حيث أذهب إلى منازل أخرى لأقارب أو أصدقاء وأقتصر فقط على الأكل الذي يطبخونه على الكهرباء، وقد امتنعت منه في الماضي لكنني لم أستطع مواصلة ذلك، وقد نصحتهم كثيراً ولم ينتصحوا وأنا في حرج خاصة عندما يأمرني أحد أبوي باستعمال الكهرباء لحاجة له، أو عندما يأتينا ضيوف أو يأتيني أصدقائي في المنزل فأضطر إلى إكرامهم. فأرجو منكم -جزاكم الله خيراً- إفتائي فيما ذكرت في السؤال وبما علي فعله مع أهلي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على تحريك الحلال وزادك الله حرصاً على الخير، فإنه من المعلوم أنه لا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء ولا الاحتيال للتهرب من دفع رسوم استهلاكه، كما تقدم بيان ذلك في الفتويين: 8936، 39190.
وقد ذكر السائل الكريم أن أهله يدفعون مبلغاً قليلاً للكهرباء، وهذا معناه أن هذه المنفعة فيها جزء ولو يسيرا من الحلال، والانتفاع بالمنافع المختلطة حكمها كحكم معاملة أصحاب الأموال المختلطة، وهي محل خلاف بين أهل العلم بين قائل بالتحريم وقائل بالجواز مع الكراهة، والمفتى به في الشبكة أنها مكروهة، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7707، 70068، 27917. وعلى ذلك فاستخدام الأجهزة الكهربائية الموصلة بهذه العددات مكروه وليست حراماً. ويتفرع على ذلك حكم طاعة الوالدين في استعمال الكهرباء لحاجة لهما، فإن قلنا بعدم الحرمة فلا حرج على السائل في طاعتهما في ذلك.
أما بالنسبة للطعام الذي يصنع بهذه الكهرباء وإن كان اجتنابه بقدر الإمكان هو الأورع والأحوط، إلا أن ذلك لا يعني حرمة أكله، لكونه في نفسه حلالاً، وهو في أسوأ أحواله قريب من حكم الماء المسخن بمغصوب، وقد نص فقهاء الحنابلة على كراهة استعماله في الوضوء، وفي رواية أخرى عندهم أنه غير مكروه. والمقصود أن هذا الطعام وإن كره إلا أنه لا يحرم لاسيما والأهل يدفعون شيئاً ولو قليلاً من ثمن الكهرباء. وعلى أية حال فيجب عليك إنكار ذلك المنكر وعدم الرضا والسكوت عليه، واجتناب ما يمكن اجتنابه مما تستعمل فيه الكهرباء، فقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن:19}، وقال صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه. وتراجع في ذلك الفتويين: 54520، 17234.
والله أعلم.