السؤال
لما انتهيت من صلاتي جلست لأتلو أذكار الصلاة، ولما أردت أن أقوم وجدت شخصا ورائي حوالي متر ونصف واقفا يصلي، مع العلم أننا كنا في المسجد ولم يكن بينه وبين المنبر إلا أنا فتسللت وانحرفت قليلا ثم ذهبت. فهل هذا يعد قطعا للصلاة؟ أرجو أن تجيبوني إجابة واضحة لهذه الحالة ولا توجهوني إلى أجوبة مماثلة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الأولى بك أن تظل جالسا حتى ينتهي أخوك من صلاته، إن لم يكن عليك ضرر في الانتظار، فإن الظاهر أنه قصد أن يصلي خلفك لتكون سترة له، واستتار المصلي بظهر إنسان جالس بين يديه جائز لا حرج فيه.
قال ابن قدامة في المغني: فإن استتر بإنسان فلا بأس فإنه يقوم مقام غيره من السترة، وقد روي عن حميد بن هلال قال : رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي والناس يمرون بين يديه فولاه ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال : صل ولا تعجل، وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال ولني ظهرك. رواهما البخاري بإسناده. انتهى.
وأما انصرافك من مكانك فليس عليك فيه إثم إن شاء الله، وليس هو من المرور المنهي عنه بين يدي المصلي عند كثير من أهل العلم، ما دمت قد مررت من وراء موضع سجوده.
وهذا ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله قال في الشرح الممتع مبينا أقوال العلماء في الحد الذي يمنع منه من أراد المرور أمام المصلي: وقد اختُلف في المراد بما بين يديه ، فقيل: إنه بمقدار ثلاثة أذرع مِن قدمي المصلِّي. وقيل: بمقدار رَمية حَجَر، يعني بالرَّمي المتوسط لا بالقويِّ جدًّا ولا بالضعيف. وقيل: ما للمصلِّي أن يتقدَّم إليه بدون بطلان صلاتِه. وقيل: إن مَرْجِعَ ذلك إلى العُرف، فما كان يعدُّ بين يديه، فهو بين يديه، وما كان لا يُعدُّ عُرفاً بين يديه، فليس بين يديه، وقيل: ما بين رجليه وموضع سجوده. وهذا أقرب الأقوال، وذلك لأن المصلِّي لا يستحقُّ أكثر مما يحتاج إليه في صلاته، فليس له الحقُّ أن يمنعَ النَّاس مما لا يحتاجه. انتهى.
وضبط ذلك بالعرف هو ما رجحه الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشيته على الفتح، وعلى ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله فلا إثم عليك لأن مرورك كان من بعد موضع سجود هذا الرجل كما هو واضح.
والله أعلم.