الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البر بالوالدين لا يسقط ولو أبغضا الولد بغير حق

السؤال

والدتي تتشاجر مع أبي ـ دائما ـ وتسيء إليه في الكلام وتتهمه بأنه يقامر ـ وأبي في 67 من عمره وهو مريض ـ وتقول بأنه يهدر أمواله في اللعب، ودائما تتطلب منه أن يساعد أخواتي ويشتري لهن شققا، مع أنه لا يملك هذه المبالغ، وأخي الكبير هو الذي يعطيه المصروف، كما أنها ـ أيضا ـ تكره أخي وتدعو عليه وعلى أولاده، ولأنني متعاطفة مع أبي وأخي بدأت تكرهني ولا تكلمني، مع أن أخواتي الثلاث لهن بيوت وأزواج ولكنها تميزهن عني، لأن وضعي أفضل منهن ـ ولله الحمد على كل الأحوال ـ فما الحكم في تصرفات والدتي هذه؟.
أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت أمك تسيء إلى زوجها وتتهمه بغير حق، فهي ترتكب محرماً وتتعدى حدود الله، فإنّ حق الزوج على زوجته عظيم، كما أنّ دعاءها على ولدها وأولاده ـ بغير حق ـ غير جائز، لأن هذا من الاعتداء في الدعاء، لما صح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم في صحيحه.

كما أنّه يجب عليها أن تعدل بين أولادها ولا تفضل بعضهم على بعض، لكن ننبّهك إلى أنّ حق الأمّ عظيم وبرّها من أهم أسباب رضا الله ـ ومهما كان حالها ـ فإن حقها في البر لا يسقط، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}.

فالواجب عليك مداومة بر أمك والإحسان إليها والحذر من مقاطعتها أو إغضابها والإساءة إليها، ولا مانع من مناصحتها بالرفق والأدب، أو الاستعانة بمن ينصحها ـ ممن تقبل نصحه ـ والإكثار من الدعاء لها.

وإذا قمت بما يجب عليك نحوها من البرّ والإحسان، فلا يضرّك ـ بعد ذلك ـ غضبها منك أو كراهيتها لك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني