الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبيل التعافي من سهام العشق المسمومة

السؤال

أنا غير متزوج، وأحب جارتي حبا غريبا أحكي معها عبر الهاتف، ونتحدث في أمور حياتها، وأحيانا نتحدث في أمور ديننا، وأحيانا نلتقي في مكان عام ونذهب مع بعض لشراء بعض مستلزماتها وابنتها، وأحيانا أحضنها من شوقي لها، وأحيانا أقبلها، وعلاقتي بها جعلتها تترك الكثير من المعاصي وأنا أرأف لحالها وأريدها أن لا ترتكب المحرمات؛ لأنها مطلقة والناس يساومونها في شرفها عندما تحتاج لشيء، وأنا والحمد لله أساعدها بدون مقابل.
هل علاقتي بها صحيحة؟ وإن لم تكن صحيحة هل أكلمها عبر الهاتف عندما تطلب مني المساعدة وأني أحاول بقدر المستطاع عدم ضمها لي وتقبيلها، وأنا أحس أني مريض بحب النساء حب فقط لا غير، وأكره الفاحشة بكل أنواعها، وقلبي ضيق من ناحية جارتي فقط، والزواج لا أستطيع أن أتزوج لحالتي المادية، والصوم صعب علي حتى أصوم لا يفارقني التفكير في جارتي. أحس أني مريض في قلبي. أريد العلاج بعون الله ؟ ومتأكد أنه حرام ما أفعله، والحمد لله هذا هو الإثم الذي أفعله في حياتي فقط بفضل الله، وأرجو من الله أن يشفيني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك على أن ما تقع فيه مع جارتك أمر عظيم وانتهاك صارخ لحدود الله وحرماته، وله أثر كبير على إفساد دينك ودنياك؛ لأن هذا هو العشق المحرم. وقد سبق أن بينا خطورة العشق وأقسامه وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 9360, 117632, 126865.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام نفيس يحسن ذكره في هذا المقام فقد سئل رحمه الله عمن أصابه سهم من سهام إبليس المسمومة ؟ فأجاب: من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السم ويبرئ الجرح بالترياق والمرهم وذلك بأمور منها :

الأول: أن يتزوج أو يتسرى ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله ؛ فإنما معها مثل ما معها } وهذا مما ينقص الشهوة ويضعف العشق .

الثاني: أن يداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت السحر . وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع . وليكثر من الدعاء بقوله : { يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك } فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك كما قال تعالى : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين }.

الثالث : أن يبعد عن مسكن هذا الشخص والاجتماع بمن يجتمع به ؛ بحيث لا يسمع له خبرا ولا يقع له على عين ولا أثر ؛ فإن البعد جفا، ومتى قل الذكر ضعف الأثر في القلب، فليفعل هذه الأمور وليطالع بما تجدد له من الأحوال. انتهى

وإنا لنوصيك أول ما نوصيك بأن تحاول الزواج من هذه المرأة، وإنما نصحناك بذلك لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.

واعلم أن الزواج من أسباب تيسير الرزق، قال تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:33}.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة حق على الله عونهم ... وذكر منهم: الناكح يريد العفاف. رواه أحمد والترمذي والنسائي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فإن تعذر ذلك فعليك بالصيام بحسب جهدك وقدرتك، فإن صعب ذلك عليك ولم تقدر على مواصلة الصيام، فعليك بمفارقة هذا المكان الذي تسكن فيه، ولتقطع كل علاقة لك بها، فلا تقابلها ولا ترد على اتصالاتها، فإن مجرد كلامك معها – ولو بالهاتف - حرام لا يجوز. وقد بينا في الفتوى رقم: 21582 نصوص الفقهاء في حكم الحديث بين الرجل والمرأة الأجنبية.

وعليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا أن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يقيك شر نفسك وشر الشيطان.

وراجع لزاما الفتوى رقم: 63620.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني