السؤال
هل يجوز وصف الملائكة الكرام بأنهم القوى والخاصيات الموجودة في المخلوقات؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الكلام باطل لا يجوز قوله واعتقاده في الملائكة، فإن الملائكة مخلوقات مستقلة بأنفسها ووظائفها عن المخلوقات الأخرى، ويجب الإيمان بهم، وهو ركن من أركان الإيمان الستة، كما قال سبحانه وتعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ {البقرة: 285}، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. اهـ.
وقد وصفهم الله بأنهم عباد الله المكرمون، خلقهم من نور، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون.
فقد قال الله تعالى: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم: 6}. وقال فيهم: بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ {الأنبياء: 26-28}.
وقال فيهم: وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء: 19-20}. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلقت الملائكة من نور.
وقد جعل الله تعالى لهم أجنحة يطيرون بها، كما قال تعالى: جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ {فاطر:1}.
وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح.
وقد منحهم الله تعالى عظم الخلق، ففي سنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُذِن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام. إسناده صحيح كما قال الذهبي.
ومن الملائكة من هم موكلون من قبل الله عز وجل بتدبير بعض الأمور في السماوات والأرض كما قال تعالى: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً {النازعات:5}.
قال ابن عطية في تفسير قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} قال: لا أحفظ خلافا أنها الملائكة، ومعناه أنها التي تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها، كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات. انتهى.
وقال البغوي: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} قال ابن عباس: هم الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله عز وجل العمل بها... اهـ
وقال ابن عثيمين: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} أيضا وصف للملائكة تدبر الأمر، وهو واحد الأمور يعني أمور الله عز وجل لها ملائكة تدبرها، فجبرائيل موكل بالوحي يتلقاه من الله وينزل به على الرسل، وإسرافيل موكل بنفخ الصور الذي يكون عند يوم القيامة ينفخ في الصور فيفزع الناس ويموتون، ثم ينفخ فيه أخرى فيبعثون، وهو أيضا من حملة العرش، وميكائيل موكل بالقطر وبالمطر والنبات، وملك الموت موكل بالأرواح، ومالك موكل بالنار، ورضوان موكل بالجنة، وعن اليمين وعن الشمال قعيد موكل بالأعمال، كل يدبر ما أمره الله عز وجل به.
وقد سبق بيان صفة وهيئة الملائكة في الفتوى رقم: 21084، وكذلك سبق بيان أسماء بعض الملائكة والأمور الموكلة إليهم، وذلك في الفتوى رقم: 5989.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني