الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته إن دخل فلان لبيت أهلك فأنت طالق فأدخله أخوها

السؤال

وقع خلاف بيني وبين زوجتي وذهبنا إلى بيت أهلها لحل الخلاف فلم يستطيعوا الحكم بيننا وأجل الحل إلى المساء، فقلت: إذا دخل فلان بيتكم وأنا غائب فأنت طالق ـ علماً بأن هذا الإنسان يسكن في بيت والدها وهو غير محرم لزوجتي وحلفت بالطلاق من دافع الغيرة، لأنني معترض على وجوده في المنزل وهو غير محرم وسبق أن منعتها من بيت أهلها وهو موجود في المنزل فلما ذهبت في المساء وجدته موجودا في البيت فقالوا إنه دخل بالإكراه والذي أدخله هو أخوها عناداً لي، لأنني تدخلت في خصوصياته، علماً بأن أخاها إنسان غير سوي والذي أدخله مثله وهو ابن خاله، علماً بأن نيتي هي منعه من الدخول وزوجتي في البيت وذلك من شدة غيرتي، لأن أسرتهم غير محافظة ووالدتها لا تتحجب عن الأقارب وهم غير محارم لها وزوجتي كانت مثلها غير أنني منعتها، أفيدوني ماذا يجب علي فعله؟ وكيف أتصرف مع هذه الزوجة وأهلها غير المحافظين؟ علماً بأنها تسمع لهم.
أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمهور على أنّ الطلاق المعلّق يقع إذا وقع ما علّق عليه، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، فإذا كنت قد علقت طلاق زوجتك على دخول هذا الشخص في البيت وقد دخل فقد وقع الطلاق على زوجتك، أما قولك إن هذا الرجل دخل مكرها، فإن كان المقصود مجرد أمر أخي زوجتك له بالدخول و إصراره على ذلك فدخل إرضاء له فليس ذلك بإكراه، وإنما يكون الإكراه إذا كان قد أدخله عنوة، أو كان هناك تهديد بالقتل، أو الإضرار الشديد مع القدرة على التنفيذ، و راجع حد الإكراه المعتبر في الطلاق في الفتويين رقم: 42393،

ورقم: 6106.

فإذا كان قد دخل مكرها فقد اختلف أهل العلم في وقوع الطلاق حينئذ، قال الماوردي: وَإِنْ كَانَتْ اليمين عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ إِنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، فَذَهَبَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ قَصْدَ زَيْدٍ لِلدُّخُولِ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الْحِنْثِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَمَا يَكُونُ فِي فِعْلِ الْحَالِفِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَذَهَبَ الْبَصْرِيُّونَ: إِلَى أَنَّ الْقَصْدَ فِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْحِنْثِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ اعْتِبَارُهُ فِي فِعْلِ الْحَالِفِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ هَاهُنَا، أَشْبَهُ بِمَا قَالَهُ الْبَصْرِيُّونَ.

وعلى هذا، فالحنث ـ أيضا ـ بدخول هذا الرجل الدار مكرها ـ إن ثبت أنه مكره ـ فيه الخلاف، والذي يفصل في مسائل الخلاف هو القاضي الشرعي.

وأما بخصوص دخول بعض الأقارب غير المحارم إلى بيت أهل زوجتك وعدم التزام بعض الأسرة بالحجاب أمام هؤلاء الأقارب: فعليك مناصحتهن في ذلك، و الواجب عليك منع زوجتك من الظهور أمام غير المحارم بغير حجاب ومنعها من الخلوة بهم ويجب عليها طاعتك في ذلك، وإن كان منعها من ذلك يسلتزم منعها من زيارة والديها فعليها طاعتك، لكن ليس لك منعها من صلتهم بالقدر الذي لا تحصل معه مفسدة، وراجع الفتوى رقم:7260.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني