السؤال
أرجو منكم التكرم وإفادتي في المسألة التي أنا فيها.
فلقد قرأت كثيرا في مسائل الطلاق وأنواعه وأحكامه، وكذلك بحثت عن العلماء ومذاهبهم وكيفية إفتائهم وكان ذلك بسبب مشكلة طلاق معلق حصلت معي وقد وقع الشرط، وكانت نية زوجي الطلاق، والحق أنني أول ما قرأت في هذا الموضوع لم أسأل شيخا ولا أحدا ولكن قرأنا أنا وزوجي عنه فكان أول ما قرأنا هو موقع عن ابن حزم وكما تعلمون أنه لا يعتبر بوقوع الطلاق المعلق أصلا، ووجدنا في حججه أدلة مقنعة جداً وعملنا بهذه الفتوى، ولكن بعد سنة من ذلك بدأت الشكوك تساورني حين صرت أسمع بأن الطلاق المعلق يقع إذا قصد الزوج إيقاع الطلاق، وخفت إن اتبعت رأي ابن حزم أكون من أتباع الظاهرية أو أن يكون فيه إثم علي، فصرت أبحث في هذا الموضوع وأقرأ عن فتاوى العلماء وقرأت كتبا كثيرة وتحريت في ذلك أصل العالم ومن هو وطريقة إفتائه ولكن لم أزل مقتنعة برأي ابن حزم وبتحليله لموضوع الطلاق المعلق، ووجدت كثيرا من العلماء قال برأي ابن حزم وهم من أهل السنة منهم العلامة أحمد شاكر و الشيخ كمال عون وغيرهم من علماء آخرين لكنهم ليسوا بدرجة من ذكرت من العلم. فهل اتباعي لقول ابن حزم فيه إثم خاصة أنني لم أكن أتتبع رخصا وأنه أول ما ظهر لي وأخذنا به، ثم قرأت ووجدت أقوالا غير هذا القول ..وقد رفض زوجي سماع الآراء الأخرى كي لا يدخل في الشك واعتبر بأول رأي أخذناه.
وفي نفس السياق ظهر لي أثناء بحثي موضوع الإشهاد على الطلاق وقد أفتى به الكثير من السلف وأولهم الصحابي عمران بن حصين والإمام علي بن أبي طالب وكذلك ابن عباس وغيرهم من المفسرين، ومن العلماء المحدثين وأولهم العلامة الألباني رحمه الله والعلامة أحمد شاكر و الغزالي وغيرهم الكثير الكثير وعندما ظهر لي هذا القول تبحرت فيه كثيرا حتى أنني صرت أبحث عن قواعد اللغة العربية لكي أثبت صحة هذا القول في حال كان العمل بفتوى ابن حزم لا يجوز وحتى لا أكون متبعة لهواي إن عملت بهذه الفتوى، وقد وجدت - وأرجوكم أن تصححوا لي إن أخطأت-وجدت بأن الأمر في آية الإشهاد أقوى من الأمر في آية البيع لأن من قال بعدم وجوب الإشهاد وأنه للندب فقط كان قياسه أن هذه الآية مثل الإشهاد على البيع فوجدت أن الأمر في الإشهاد على البيع كان قبل الشرط وهو (إذا تبايعتم )سورة البقرة. وليس بعده قرينة للتأكيد بينما في الطلاق كان الأمر بعد الشرط وهو (إذا بلغن أجلهن )سورة الطلاق. وهو مؤكد بعدد الشهود (ذوي عدل).
ولكن وجدت أن الغريب في بعض المفسرين استدلالهم بالحديث الصحيح عن عمران ابن حصين والذي فيه أمر بالإشهاد على الطلاق والرجعة(( أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة اشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد))رواه أبو داود بإسناد صحيح وصححه الألباني ..ولكنهم فرقوا بينهما ولم يعتبروه وجوبا، بل اختلفوا أيضا فمنهم من أوجبه للرجعة ومنهم من اعتبره مندوبا على كليهما، ومن جهة أخرى بالرغم من أنه لم يقل به أحد من الأئمة الأربعة ولكن قاله الشافعي والإمام أحمد بأنه للوجوب ثم استقروا على الندب.
سؤالي: لماذا لا نأخذ بقول الصحابة وهم أقرب للنبي وعمله وأعلم بسنته من الأئمة، مع أن ما أفتوا به من مسارح الاجتهاد ولكنه أقرب للآية وبه أفتى كثير من العلماء المحدثين.؟ وهل يجوز لي العمل بهذه الفتوى بعد أن اجتهدت في البحث والتحري بين الأدلة وقد وجدت أنه قريب من الصواب ؟؟
وعذرا على الإطالة.