الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤاخذ الولد بمشاعر كراهية الأب

السؤال

ماهو الإثم على شاب دخلت الكراهية في قلبه لأبيه والسبب أن والدته ربته من صغره حتى صار شابا بعد طلاقها من أبيه ووالده لم ينفق عليه ريالاً واحد أو حتى يسأل عنه، وفي الصغر عند ما كان عمره 12 سنة أرسلت الأم ابنها لزيارة أبيه في محافظة أخرى حتى يتعرف على والده وإخوانه وحتى تمهد الطريق لكي يعيش مع أبيه بدلا من أن يعيش بقية عمره وحيداً مع أمه التي لم تتزوج لتربيته، وفي محاولة من الأم أن يعيش ابنها مع أبيه بعد أن أصر أخوها (خال الابن بأن تتزوج وأن لا تظل وحيدة وأن يتكفل الأب برعاية ابنه وتم ذلك) وخلال فترة السنة التي عاش الابن مع أبيه لم يشاهد الابن أي حب أو عطف من أبيه بل أنه ميز إخوته الآخرين عنه بالمحبة والعطف، وعند ما مرض الابن وصار طريح الفراش لم يأخذه الأب إلى المستشفى بل أخذ ابنه الآخر الذي كان مريضا في نفس الوقت إلى المستشفى ومعالجته مما ولد الكراهية في نفس الابن الذي ما زال في عمر 14سنة، ونظرا لعدم وجود مدرسة للمرحلة الإعداية) الصف التاسع قريبة لتسجيله بعد إن انتقل إلى العيش مع أبيه فقد تم تأجيل دراسته للسنة القادمة دون مبالاة من الأب حتى لا يعطى مصروف مواصلات السيارة للمدرسة البعيدة، بل أكثر من ذلك اضطر الإبن للعمل وإعطاء ثلثي الراتب لأبيه لأكله وشربه ومصاريف الدراسة للسنة القادمة، وفي إحدى الأيام انكسرت نفسيته وأصابه الحزن لذهاب إخوته للدراسة وهو يعمل فلم يذهب للعمل في ذلك اليوم وكان موقف والده أن غضب منه وصرخ عليه لغيابه عن العمل دون السؤال عن السبب، وبعد أن عمل سنة وبدأت السنة الدراسية الجديدة اضطر للهرب من أبيه والذهاب للعيش مع أمه وزوجها، وبعد عدة شهور أتى لزيارة أبيه والاعتذار عن الهروب وأنه يريد مالاً لكسوة العيد قال له أبوه عن لسان إخوته الصغار بأن أخوهم لا يأتي إلا للنقود وهو يريد النقود فقط وبأن النقود والأهل إذا سقطا على الأرض فإنه سوف يختار النقود، بالرغم أنها مال الإبن الذي وضعه عند أبيه مدة عمله السنة السابقة ولا يريد شيئا من مال أبيه. ولا أريد أن أطيل الأحداث التي حدثت للابن مع أبيه بل هي جزء منها، والآن الابن يبلغ من العمر 31 سنة وغير متزوج وتعيش أمه معه ويبرها وينفق عليها ويرعاها وذلك بعد طلاقها من زوجها الثاني لسوء سلوكه. والأم توصي ابنها بأبيه الذي كبر بصلة الرحم وزيارته وزيارة إخوته وإعطائه بعض المال كما يفعل إخوته، ولكن الإبن كلما تذكر ما حدث له في الصغر يزداد الكره في قلبه لأبيه لدرجة أنه لا يريد أن يرى السعادة في وجه أبيه حينما يرى بأن ولده يزوره.فهل هناك إثم على الابن الذي قام بزيارة أبيه عدة مرات وفي كل زيارة يحاول أن ينسى ما حدث ولكن لم يستطع أن يزيل كراهيته لأبيه من قلبه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن حق الوالد عظيم وبره من أهم أسباب رضا الله كما أن عقوقه من أهم أسباب سخط الله، ومهما كان حاله فإن حقه في البر لا يسقط، فالواجب عليك مداومة بر والدك والإحسان إليه، ولا مانع من مطالبته بالعدل بين أولاده ومناصحته بالرفق والأدب، أو الاستعانة بمن ينصحه ممن يقبل نصحه والإكثار من الدعاء له، وينبغي ألا تستسلم لمشاعر الكراهية نحو والدك، فإن غلبتك هذه المشاعر فلا يجوز لك الامتناع من زيارته بسببها، فإذا قمت بما يجب عليك تجاهه من البر فلا تضرك هذه الكراهية، واعلم أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34}، فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء فكيف بالوالدين اللذين هما أرحم الناس بولدهما؟ ونذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني