الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة، وأربعة أبناء، وسبع بنات.

السؤال

الرجاء قسمة الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وأربعة أبناء، وسبع بنات.
علما بأن للميت مطلقة متوفاة قبله أنجبت منه ابنا وبنتا قبل أن يتزوج بالثانية وينجب منها بقية الأبناءويبقى مجموع الأبناء كما ذكر في السؤال، وماذا تفعل زوجة الميت الحية إذا أعطاها القانون الوضعي ـ وهو المعمول به عندنا ـ أكثر من حقها الشرعي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن توفي عن زوجة وأربعة أبناء وسبع بنات ولم يترك وارثاً غيرهم، فإن لزوجته الثمن ـ فرضاً ـ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.. {النساء:12}.

والباقي للأبناء والبنات ـ تعصيباً ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.

فتقسم التركة على مائة وعشرين سهماً: للزوجة ثمنها ـ خمسة عشر سهماً ـ

ولكل ابن أربعة عشر سهماً، ولكل بنت سبعة أسهم.

ولا يجوز للزوجة أن تأخذ أكثر من نصيبها الشرعي ولو كان القانون يمكنها من ذلك، فالقانون لا يحل محرماً ولا يحرم حلالاً، وقد توعد الله تعالى من خالف أمره وتعدى حدوده في المواريث، فقال تعالى بعد ذكر آيات المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم* وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:13-14}.

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره: أي هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة بحسب قربهم من الميت واحتياجهم إليه وفقدهم له عند عدمه، هي حدود الله فلا تعتدوها ولا تجاوزوها، ولهذا قال: ومن يطع الله ورسوله ـ أي: فيها، فلم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضاً بحيلة ووسيلة، بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته: يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم* وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ـ أي لكونه غير ما حكم الله به وضاد الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم. انتهى.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني