الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علق طلاق زوجته بالثلاث على شربها الشيشة أو سماحه لها بذلك

السؤال

الإخوة المشايخ والمفتون بارك الله فيكم: أرجو إفتائي في موضوع حصل بيني وبين زوجتي، وسأقوم بسرده بالتفصيل حتى أحصل على الإجابة الصحيحه في مطلبي: أنا وزوجتي نحب بعضنا حبا كبيرا جدا، ولا نزال كذالك وسنبقى على هذا الحب ـ بمشيئة الله دائما ـ ولكن توجد بنا خصلة أو صفة ليست بالجيدة وهي صفة العصبية المفرطة، وعن نفسي فقد بدأت في تجاوز هذا الأمر عن طريق التحكم في أعصابي قدر المستطاع والتهوين للأمور غير الضرورية في حال نشوب خلاف حتى لا يتفاقم الخلاف ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
في يوم من الأيام نشب خلاف بسيط بيني وبينها على أمر ليس ذا أهمية، وكانت هي في أيام الدورة الشهرية، وقد يكون هذا هو سبب ازدياد عصبيتها في ذلك الوقت، وكنا نسكت مرة ونتجادل مرة أخرى، إلى أن قررت أن أخفف من حدة التوتر وتلطيف الجو وتهدئة الأمور، ولكن كانت زوجتي عكسي تماما، فقد بدأت في توسيع مجال المشكلة، وربطها بأمور أخرى بعيدة ومتشعبة، وكنت أحاول أن أسكت مرة وأن أطيب خاطرها مرة أخرى، وظللنا على هذا الحال ساعات طويلة، وهي تحاول أن تجعلني أخرج من هدوئي الذي أصبح يزعجها، فعند الحوار معها تنزعج، وعند السكوت تنزعج، وعند تطييب الخاطر تنزعج، فعند ذلك بدأ صبري ينفد، وبدأت في الانفعال تارة، والهدوء تارة أخرى إلى أن توصلت هي إلى شيء أرادت فعلا أن أفقد به أعصابي، فقالت أريد أن نذهب إلى مطعم ونتعشى وأطلب معسل ـ شيشة ـ عندها فقدت كل عقلي من هذا الكلام، وأنا أعتبر في قرارة نفسي أن المرأة التي تقوم بالتدخين، أو استعمال الشيشة هي امرأة غير سوية وغير صالحة، وإن كان معتقدي خاطئا فأنا لم أدخنها ولم أفكر بها فكيف بشريكة حياتي تفعلها؟ فأنفجرت في وقتها غاضبا مهددا بنية التخويف وقلت مما أذكر: والله إن فكرت في شرب الشيشة، أو المعسل ـ والقصد ليس التفكير، وإنما الفعل في استخدامها ـ فأنت طالق بالثلاثة ـ وقمت بإضافة كلمة أخرى وهي: إن فكرت أنا بالتراجع عن قولي والسماح لك بفعل ذلك فأنت طالق ـ وغرضي هو تخويفها وقطع أي مجال لفعل ذلك، ومن شدة خوفي عليها وغضبي من تفكيرها ربطت تراجعي، أو إن تراخيت بأنها طالق، والآن زوجتي تعيش حالة نفسية سيئة سببها ليس الرغبة في فعل ما قالته، فهي لم تفعله أبدا ولن تقوم بفعله، وإنما وضع موضوع الطلاق في يدها، فهي تعاني من خوف وقلق شديدين قد يجعلها مع مرور الأيام تفقد صوابها لترتكب حماقة بأنه قيد حول عنقها، وأنها امرأة لا يصح وضع أمر كهذا في يدها، فماذا أفعل في هذا الأمر بارك الله فيكم؟ وكما ذكرت كان الغرض هو التخويف والترهيب من فداحة هذا الفعل غير السوي، وأنها كانت في أيام الحيض ـ الدورة الشهرية.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمهور على أنّ الطلاق المعلّق يقع إذا وقع ما علّق عليه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، وهو المفتى به عندنا ـ خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة ـ وانظر الفتوى رقم: 36215.

ويرجع فيما علقت عليه الطلاق إلى نيتك، وعلى ذلك فإن زوجتك إذا لم تدخن الشيشة، أو تسمح لها بذلك فلا طلاق عليها، أما إذا قامت بتدخين الشيشة، أو سمحت أنت فيقع عليها الطلاق ثلاثاً كما يقع الطلاق إذا سمحت لها بذلك، لكن على قول شيخ الإسلام لا يقع بهذا التعليق طلاق ما دمت قصدت به التهديد، وإنما يلزمك كفارة يمين إذا وقع ما علقت عليه، وننبّهك إلى أنّه لا ينبغي لك استعمال ألفاظ الطلاق للتهديد، وإنّما عليك أن تتعامل مع زوجتك بالحكمة وتسلك معها وسائل الإصلاح المشروعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني