الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب نصح الإخوة وحرمة هجر الوالدين ووجوب برهما وإن أساءا

السؤال

أنا شاب في 31 من عمري، الحمد لله ملتزم بالعبادات جميعها، المشكلة أن إخواني الأصغر مني (في سن المراهقة) وإخواني (في العشرينات) لا يصلون والبنات غير متحجبات، أبي وأمي ملتزمون بالعبادات أيضاً ولكن لا يلزمون إخوتي وأخواتي، وأنا أصر عليهما أن يلزموا أبناءهم بالعبادات وأن يصلحوا الأوضاع في البيت من جميع النواحي (سلوك الأبناء داخل وخارج البيت، الخروج والسهر واللباس والحرية التي تخالف الشرع)، تسبب ذلك في جفاء بيني وبين والداي وإخوتي. جميع محاولاتي لتغيير الوضع بالمعروف والكلمة الطيبة باءت بالفشل، والآن أنا منعزل عن الجميع ولا أكلم أحداً من أهل البيت تجنباً للمشاكل حتى أن والدي قال لي (لا دخل لك بأولادي وبيتي).
سؤالي هو: هل أأثم لمقاطعتي والداي لأنهما يصران على السماح لأبنائهم بفعل المعاصي (وما الفائدة من جميع عباداتي وأنا عاق لوالداي؟) أم يجب أن أبر والداي حتى إن كانا على معصية؟ وهل أقطع الرحم مع إخوتي العاصين أم أن الشرع يلزمني إجبارهم على ترك المعصية؟ وهل أأثم إن تركت مناصحتهم وكنت كالشيطان الأخرس، وعندي الخيار أن أهاجر إلي بلد آخر وأن أقطع كل علاقتي بوالديّ سوى مهاتفتهم من حين لآخر، هل أأثم إن فعلت ذلك؟ جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكرك على التزامك بالعبادات وحرصك على الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجزاك الله خيراً وزادك حرصاً على الدعوة إلى الخير.. وإن كان إخوتك على الحال المذكور فإنهم على منكرات عظيمة، فترك الصلاة كبيرة من كبائر الذنوب، وراجع فيه الفتوى رقم: 1145.

والحجاب فريضة شرعية والتبرج إثم مبين، وراجع بخصوصه الفتوى رقم: 2595، فنصحهم واجب، ولكن ليكن بالحكمة والموعظة الحسنة واختيار الأوقات التي يرجى أن تكون الموعظة فيها أنفع، وانظر الفتوى رقم: 99257، ففيها بيان آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا لم ينتفع هؤلاء الإخوة بالنصيحة فيمكن هجرهم إن رجي أن ينفعهم الهجر، وإن كان يزيدهم عناداً فالأولى عدمه، وراجع في ضوابط الهجر الفتوى رقم: 25074.. وإذا قمت بنصح إخوتك فقد أديت الذي عليك ولست ملزماً شرعاً بحملهم على ترك هذه المعاصي، وانظر الفتوى رقم: 57750، والفتوى رقم: 139402.

وأما هجر الوالدين فإنه لا يجوز بحال كما أوضحنا في الفتوى رقم: 146409، وعليك بالاستمرار في تذكير والديك ولا سيما الأب بمسؤوليتهما عن أولادهما، وإذا خشيت أن يترتب على ذلك منكر أكبر فيسعك السكوت ولا تأثم بذلك، ويمكنك أن تستعين عليهما أحياناً ببعض أهل العلم والفضل الذين ترجو أن يكون قولهم مقبولاً عندهما، ولا تنس أن تدعو للجميع بالهداية والتوفيق إلى الخير، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 6675، والفتوى رقم: 11739.

ويجب بر الوالدين وإن أساءا، فإساءتهما لا تسقط برهما عن الولد كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 135582، والعقوق على فرض وقوعه لا يمنع قبول العبادات، بل يؤجر المرء على عباداته ويجازى على عقوقه إلا إذا تاب الله عليه.

وأما سفرك بعيداً عن والديك فلا تلجأ إليه إلا إذا دعت إلى ذلك مصلحة راجحة فوجودك معهم قد يقلل من الشر، وإذا كنت قدوة حسنة لهم بتعاملك وتصرفاتك أمامهم فربما كان ذلك هادياً لهم إلى طريق الحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني