الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإثم على من يرفض الصلة ويصر على القطيعة

السؤال

يا شيخ حفظك الله، لدينا مشكلة عائلية عويصة
1 - الحالة العائلية أبي يعمل بناء، له أربعة أبناء أكبرهم 17 سنة. جدي -أبو أمي- وأسرته يسكنون بيتا ضيقا وعتيقا، كنا متحابين كثيرا نزورهم أسبوعيا و نهدي لهم. اجتهد أبي في عمله، وفتح الله علينا بعد ضيق شديد لمدة طويلة إلى اليسر والهناء. 2 - الاتفاق حينها طلب جدي من أبي بناء منزل جديد لهم واتفقوا (بدون كتابة قانونية ) على أن يقوم أبي ببناء المنزل بجهده ومن ماله الخاص، و بعد الانتهاء يقوم جدي بالتسديد، مضت سنة و تم الانتهاء من بناء منزل رحب ومتقن، طبقا للاتفاق، حسب أبي كل مصاريف البناء، والكل يشهد أن أبي كان متساهلا و متسامحا، والثمن معقول جدا وأرخص من المعتاد واطلع جدي عليها. 3 - المصيبة حينها ثار جدي في وجه أبي وأهانه أمام كل العائلة وشتمه: يا لص . سارق . خائن ... وأراد ضربه، التزم أبي الصمت وحزن هو وأمي كثيرا. - عرض أبي على جدي أن يقوم بتعيين خبير معماري لتقويم ثمن المنزل، كما عرض عليه اجتماع كبار وعقلاء العائلة ليصلحوا و يحكموا وعدة خيارات للصلح، غير أن جدي رفض الصلح، واستمر في ظلمه وإيذائه وأصر على دفع ثلثي المبلغ فقط. حزن أبي وأنا ابنه أعلم أنه كان مستعدا للتنازل عن حقه لو طلب منه ذلك جدي بهدوء وتعقل.
قرر أبي مقاضاة جدي للمطالبة بحقه، فتمادى جدي وأخوالي في إيذائنا ومقاطعتنا وتحريض الأقارب ضدنا والتبرؤ من أمي لأنها رفضت ترك زوجها وأبنائها، كما قام جدي وأبناؤه وجدتي بإمضاء شهادة زور مفادها أن خالي هو الذي بنى المنزل وأشياء أخرى لا يقبلها الدين والعقل، لا تكفي صفحة لسردها، فحدثت قطيعة تامة ومعاداة. بعد 3 سنوات 2007 توفي جدي بسكتة قلبية. لم يعارض أبي اختيار أمي، و ترك لها الخيار في حضور الجنازة من عدمها، بكينا بكاءا مريرا خاصة أمي التي تفطر قلبها، ولم تحضر الجنازة، بل شاهدته خفية من مكان بعيد خوفا من مصيبة أكبر.
القطيعة والعداوة مستمرة ويبدو الصلح مستحيلا، أخاف من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قاطع. وأتساءل إلى ماذا ستؤول الأمور؟ وهل نحن قاطعو رحم رغم أن أبي فعل ما يستطيع للإصلاح.
ما العمل؟ أرشدونا من فضلكم. شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حث الشرع المسلمين على أن يكونوا على أحسن حال من الألفة والمودة، ويتأكد مثل هذا في حق ذوي الرحم التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها. وراجع النصوص في ذلك بالفتوى رقم : 145359.

فالواجب عليكم صلة أرحامكم بما تستطيعون وإن قطعوكم. وتراجع الفتوى رقم : 47724.

فإذا قمتم بذلك من جهتكم لم تكونوا قاطعين للرحم، والإثم على من يرفض الصلة ويصر على القطيعة.

وأما الإصلاح فقد أحسن أبوكم بسعيه فيه، ولا ينبغي اليأس واعتبار ذلك مستحيلا، فالله على كل شيء قدير، وكل شيء على الله يسير. فاستعينوا بالله وتضرعوا إليه، ثم عليكم بالاستعانة ببعض الفضلاء والعقلاء من الناس الذين يرجى أن يكون لقولهم تأثير عليهم. وينبغي أن يذكروا بأن هذا خصام على دنيا فانية ومتاع، فكيف يرضى المسلم بخسارة دينه من أجل دنياه، بل قد يكون في ذلك خسارة الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين .

وأما بالنسبة لأمر هذا المنزل الذي بناه أبوكم إن كان النزاع فيه لا زال قائما، فينبغي الاجتهاد في الصلح بخصوصه، فإن تم فهو أولى وأفضل. وإن استمر النزاع فيه مع الورثة فالأولى أن تراجع المحكمة الشرعية فهي أولى بالنظر في مثل هذه القضايا، ولأن حكم القاضي ملزم لأطراف النزاع .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني