السؤال
تزوجت من قَبل من فرنسية أسلمت وأنجبت لي ولدا منذ تقريبا ثلاث سنين، ومنذ سنة ارتَدَّت هذه المرأة عن دين الإسلام، وتُبت إلى الله واتبعت طريق الالتزام، وبدأت بالبحث عن زوجة صالحة وترتدي النقاب في بلدي المغرب مع نية الهجرة من بلاد الكفار الذي أعيش فيه الآن ويعيش فيه ولدي مع أمه، ثم وجدت فتاة في المغرب وتقدمت لخطبتها مع موافقة والدي على أساس العيش في المغرب ووافقت هذه الفتاة، ولكن مؤخرًا نبَّهتْني أمِّي بِأنَّ ليس عليَّ أن أترك ولدي وحدِه بفرنسا يتربَّى مع أمِّه المشركة وعائلته النصرانية، وأنَّ علي البقاء بجنبهِ بفرنسا لتربيتِه على الدين الإسلامي، وأنها غير موافقة على قدومي للمغرب، والسؤال: ماذا عليَّ أن أفعل؟ وهل أصبر وأبقى بجانب ولدي هنا بفرنسا رغم أنني لم أعد أريد البقاء في بلاد الكفار، وإن فعلت هذا فماذا عن الزواج؟ والنقاب ممنوع هنا وأنا لا أستطيع الزواج من غير منقبة وماذا عن الفتاة التي خطبتها بالمغرب؟ وهل يمكن أن أعرض عليها القدوم إلى فرنسا؟ وماذا عن نقابها؟ أم أهاجر إلى بلاد المسلمين وأكرر الزيارات لفرنسا للاطمئنان على ولدي وعلى تربيته كفتح مشروع إيراد وتصدير يُتيح لي الترَدُّد على فرنسا بشكل كبير؟ أم هناك حل آخر أرضي به الله؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة قد ارتدت عن الإسلام فلا حق لها شرعا في حضانة هذا الولد، لأنه يشترط في الحاضن الإسلام، كما بينا بالفتوى رقم: 68298.
فيجب عليك بذل الحيلة والجهد لتخليص هذا الولد منها، ولا يجوز لك تركه لها تربيه على الكفر والفساد، فإن تيسر الأمر فالحمد لله، وإن لم يتيسر لك ذلك، فإن كنت تأمن في تلك البلاد على دينك فلا حرج عليك في استقدام زوجتك لٌلإقامة معك لتتمكن من تعاهد هذا الولد وتربيته على الإسلام حتى يستقل بنفسه، وأما بالنسبة للنقاب فقد اختلف الفقهاء في تغطية الوجه هل تجب أم لا، والمفتى به عندنا القول بالوجوب، وانظر الفتوى رقم: 4470.
وإن لحق المرأة حرج شديد من تغطيتها وجهها فلا حرج عليها في الأخذ بقول من يرى جواز كشف الوجه، فقد أجاز بعض العلماء الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وللمزيد يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 134759.
وإن كنت تخشى الفتنة في الدين فالهجرة في حقك واجبة، فيجب عليك أن تهاجر من هذا البلد لتقيم في بلدك أو أي بلد آخر من بلاد الإسلام، وابذل وسعك بعد ذلك في التواصل مع هذا الولد ومحاولة التأثير عليه، مع الدعاء له بالهداية والتوفيق، فإن فعلت ذلك فقد أديت ما عليك، والله تعالى يقول: لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا{ الطلاق: 7}.
وراجع في تفصيل حكم الهجرة من بلاد الكفر الفتوى رقم: 16686.
وأما بالنسبة لأمك وما ذكرت من عدم موافقتها على رجوعك إلى بلدك فالطاعة إنما تجب في المعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وليس من المعروف أن يفعل الولد ما يلحقه بسببه ضرر، وخاصة إن كان هذا الضرر في دينه، وراجع في حدود طاعة الوالدين الفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.