السؤال
الإنسان الذي يشك ولو مرة في اليوم يعتبر ممن استنكحه الشك وبالتالي إذا شك في عدد الركعات وهل هو في الثانية أو الثالثة يعتبر في الثالثة، لكن في حالتي غالباً أرتاح أكثر عندما أبني على أنني فعلت الأقل، وما يحصل معي هو في حالتين:
1ـ أنني أبني على صحة ما سبق أي أقول إذا جاءني شك هل أنا في الثالثة أو الثانية أقول إنني لم أقل التشهد الأول بعد فأبني على صحة الجزء السابق من صلاتي ـ والذي لم يراودني الشك خلاله ـ وأعتبر أنني في الثانية، وقد تكرر هذا الأمر كثيراً، فإن كان فعلي خاطئاً فهل علي إعادة الصلوات التي قمت بهذا العمل فيها؟.
2ـ وهناك أوقات أخرى أعمل حسب أول فكرة تأتي أي إذا قلت هل أنا في الركعة الثانية أم الثالثة ثم أجبت بسرعة في الثانية أمشي وفق هذا دون اعتبار للأفكار التي تأتي بعدها، فهل إن كان فعلي خاطئاً علي إعادة الصلوات التي قمت بهذا العمل فيها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور الفقهاء أن من شك في عدد الركعات وهو في الصلاة فإنه يبني على الأقل، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم؛ لحديث أبي سعيد ـ رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان.
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء فيمن شك في عدد الركعات وهو في الصلاة، مذهبنا أنه يبني على اليقين ويأتي بما بقي، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ لزمه أن يأتي بركعة إذا كانت صلاته رباعية سواء كان شكه مستوي الطرفين أو ترجح احتمال الأربع، ولا يعمل بغلبة الظن سواء طرأ هذا الشك أول مرة أم تكرر، قال الشيخ أبو حامد: وبمثل مذهبنا قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح وربيعة ومالك والثوري. انتهى.
لكن هذا في حق من يأتيه الشك في بعض الأحيان، أما من يلازمه الشك ولو مرة في اليوم ـ كما هو حال السائلة ـ فليعرض عنه ولا إصلاح عليه، ويبني على الأكثر، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتويين رقم: 150531، ورقم: 124075.
لكن البناء على الأقل في مثل هذه الحالة لا يبطل الصلاة، لأنه رخصة لكثير الشكوك، فإن تركها وبنى على الأقل فقد رجع للأصل، ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ، فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ هو أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً هل زَادَ أو نَقَصَ أو لَا، أو هل صلى ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا وَلَا يَتَيَقَّنُ شيئا يَبْنِي عليه، وَحُكْمُهُ أَنْ يلهي عنه وَلَا إصْلَاحَ عليه، بَلْ يَبْنِي على الْأَكْثَرِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كما في عِبَارَةِ عبد الْوَهَّابِ، وَإِلَى هذا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أو اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ ولهى عنه، فَإِنْ أَصْلَحَ أَيْ عَمْدًا أو جَهْلًا كما في الحطاب لم تَبْطُلْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَهُ على الْأَكْثَرِ وَإِعْرَاضَهُ عن شَكِّهِ تَرْخِيصٌ له وقد رَجَعَ لِلْأَصْلِ. انتهى بحذف.
والله أعلم.