الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف إذا قسمت التركة بطريقة غير شرعية

السؤال

جدي توفي سنة 1990وترك زوجة وأربع بنات وابن عم وترك بيتا واحدا كإرث، وترك المنزل إلى أن توفيت الزوجة ـ جدتي ـ سنة 1995، وتم تقسيم الإرث حسب القانون الحكومي والمحاكم وليس التشريع الإسلامي وتم تقسيم البيت بين أربع بنات إلى أربعة أقسام ونحن ـ أي بنت المتوفي وأولادها ساكنون في البيت ـ أي ربع البيت الأصلي بعد أن تم تقسيمه على أربع بنات ـ فما رأيكم في الموضوع؟ أفتوني يرحكمك الله، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان ابن العم المشار إليه ابن عم شقيق أو من الأب فإنه وارث وله حق في البيت، كما أن الزوجة المتوفاة يقسم نصيبها من البيت بين ورثتها وقد لا يكونون محصورين في بناتها, والذي يمكننا قوله الآن هو أنه إذا تم توزيع الإرث بطريقة مخالفة للقسمة الشرعية ولم يكن عن صلح بين الورثة أو تراض فإنه لا عبرة بتلك القسمة الضيزى ويجب على الورثة أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية لا إلى المحاكم الوضعية التي تحكم بخلاف الشريعة، وقد قال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا { النساء: 65}.

قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير هذه الآية الكريمة: أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن، فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، فمَن استكمل هذه المراتب وكملها، فقد استكمل مراتب الدين كلها، فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين. اهــ مختصرا.

والله تعالى تولى بنفسه بيان أنصبة الورثة وأخبر أنها أنصبة مفروضة وأنها حدوده التي حدها لعباده فقال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ـ أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها, ثم توعد من خالفها بإدخاله النار والعذاب الأليم فقال: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ { النساء: 14}.

واستحق تلك العقوبة، كما قال ابن كثير: لكونه غيَّر ما حكم الله به وضاد الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم. اهــ.

فننصح الورثة بتقوى الله تعالى وأن يعيدوا قسمة البيت بين الورثة على القسمة الشرعية, وانظري الفتوى رقم: 54557، عن كيفية قسمة المنزل المشترك بين الورثة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني