الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أقيم مع زوجي وأصغر أبنائه في بيت واحد مع العلم أن البيت كبير جدا وزوجي ميسور الحال إلا أنه يبخل علي بمرتب خادمة لتساعدني في شؤون البيت إضافة إلى عملي معه مند 10 سنوات كسكرتيرة في شركته وبدون مقابل مادي بحجة أنني أشتغل عنده مقابل أكلي وشربي، وفي أحد الأيام كنت مضغوطة جدا من العمل في البيت والشركة واصطحبت معي بعض الأوراق من الشركة لإنهائها في البيت تفاديا للمشاكل معه، لأنه شخص عصبي جدا ولا يرحم، الشيء الذي منعني من إنجاز بعض أعمال البيت, دخل زوجي مساء إلى البيت وأنا منهمكة في إتمام العمل المكتبي ولاحظ أنني لم أتمكن من إعادة بعض الديكورات إلى مكانها في أحد الصالونات فبدأ بالصراخ، لأن الأشياء ليست في مكانها وأن هذا بيته وليس لي الحق أن أغير أي شيء من مكانه إلا بإذنه حتى إذا كان الغرض أنني أنظفه، فقلت له إنني لم أتمكن من التوفيق بين عمل البيت وعمل الشركة فبدأت بإتمام العمل المستعجل أولا والباقي سأقوم به في اليوم التالي والحمد لله البيت كبير جدا ولا نحتاج أن نجلس بهذا الصالون لوجود غيره وأنني تعبانة وترجيته أن لا يصرخ، فبدأ يهددني أنه سينزع الأشياء ويكسرها فطلبت منه بدل تكسيرها أن يساعدني في ترتيبها، لأن الله عالم بما أنا فيه من تعب وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يساعد نساءه فزادت عصبيته وصراخه وللأسف لم أتمالك أعصابي وصرت أصرخ وأطلب منه أن يسكت ويرحمني، لأن ما عندي من ضغط يكفيني وبعد أن رفض تركته وتركت المكان الذي يتواجد فيه وذهبت إلى طابق آخر حتى تهدأ النفوس، وبعد ساعة هدأت ورجعت لأجلس معه في نفس المكان لكنه أخد موقفا مني وامتنع عن الكلام معي وهجرني في الفراش والأكل وصار الجفاء بينا لمدة أسبوع تقريبا، مع أنني أقوم بخدمته هو وكل من بالبيت في كل أمورهم ولو أنني على خلاف معه ولا نتكلم مع بعض, وفي نفس الأسبوع فقد زوجي مبلغا زهيدا من المال ـ حوالي 12 دولارا ـ فاتهمني بسرقته، فجاء عندي وقال لي ضاع مني مال وواحد منكم سرقه إما أنت أو ابني، أحسست بالأسى والظلم، لأن الله يعلم أنني لم آخد شيئا, فاستأذنته أن أذهب إلى بيت أهلي يومين لأرتاح ويرتاح هو ولئلا يتطور الخلاف بيننا، فقال لي روحي مع السلامة، وفعلا رحت واتصلت به من بيت أهلي فرفض أن يكلمني ويرسل لي رسائل شتم وسب وتهديد أنه سيرمي لي ملابسي بالشارع ويأتي بمن هي أحسن مني وأن البيت بيته وليس لي إلا الشارع، و أشياء من هذا القبيل، وبعد 3 أسابيع هدأ وغير أسلوبه من الشتائم إلى التعامل بلطف والمكالمات التلفونية والرسائل وقال نبدأ صفحة جديدة, فقلت بادرة طيبة والصلح خير إلا أنه مصر كعادته أنه هو الذي على صواب وأنا المخطئة وأنه يتغاضى عن أخطائي ويسامحني وخلاص أرجع إلى بيتي, مع العلم أنه صار لي إلى الحين 5 أسابيع ببيت أهلي، لكنني أصررت أنه لا بد أن يأتي هو ويردني لبيتي، لأن هذا هو العرف عندنا ولا يصلح أن أسافر وأرجع إلى بيتي من دون ما يأتي هو ويردني فهذا عيب في حقي، فأصر على أنه لن يأتي إلى بيت أهلي ليردني ولو جلست ببيت أهلي العمر كله، لأنني أنا الغلطانة ولا بد أن أرجع وحدي, وبعد ما رأى إصراري اقترح أنني أسافر إلى مدينة أخرى كنا نقضي فيها العطل وأتقابل معه هناك في فندق ونقضي العطلة الأسبوعية وبعدها أذهب إلى بيت أهلي وآخد حاجاتي وأرجع معه لبيتي, طبعا رفضت، لأنني استحيت أن أقول لأهلي إنني سأذهب لأقابل زوجي الذي اتهمني بالسرقة في فندق لأرضيه، والآن هو مصر على أنه لن يأتي ليأخدني ويقول أيكم دخلت بيتي أولا أنت أو العروسة الجديدة؟ وإذا أردت منه أي شيء فليس أمامي إلا المحكمة نتقابل فيها وأنا مصرة على أن يأتي ويردني لبيتي إكراما لوجهي أمام أهلي خصوصا أنه سبق وطردني من بيته أكثر من مرة ورماني أنا وكل ملابسي بالشارع ومع ذلك و رغم رفض أهلي كنت كل مرة أرجع له وأقول أصون نفسي في بيتي أكرم من الطلاق، فلو تكرمتم يا شيخ هل موقفي على صواب؟ أم أنا آثمة بإصراري على أن يأتي ويردني لبيتي ولا أرجع وحدي وأنه تجب علي طاعة زوجي ولو أنه هو الذي اتهمني ظلما، وهل تنصحوني بالصبر عليه على الرغم من أنه إنسان مزاجي عصبي جدا وصعب الطباع والعشرة، ولسانه أقرب للسوء منه للكلمة الطيبة ودائما يرى نفسه على صواب مع أنه والحمد لله مصل ويخاف الله وأعلم أنه يحبني ويريدني وأنا أحبه ولو أنه يكبرني ب28 سنة ويمنعني من الخلفة، لأن عنده 8 أطفال إلا أنني أقول هذا نصيبي، لكن قسوته تخنقني، وأغلب وقتي أبكي من ظلمه لي وأنا ببيته وأحيانا لا أصبر فتصير بينا مشاكل دائمة وصراخ يسمعه الجيران وبعد ذلك يرجع ويتأسف ويرضيني، فهل تنصحونني بالطلاق أم الصبر على ما قدره الله لي؟ وجزيتم خيرا على ما تقدمونه وأرجو الدعاء لي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالله تعالى نسأل أن ييسر أمرك ويفرج همك وأن يصلح لك زوجك، ونوصيك بكثرة دعاء الله تعالى، فهو يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وإن كان الواقع فعلا ما ذكرت من تصرف زوجك معك على الحال المذكور فلا شك في أن هذا منه فعل قبيح وحماقة وطيش وخفة عقل، لا يليق أن تصدر من المسلم، ونوصيك بالتحلي بالصبر والتسلي به، فهو نعم المعين عند البلاء، وراجعي في فضله الفتوى رقم: 18103.

ولا يلزم الزوجة أن تعمل مع زوجها في شركته، ما لم ترتض هي ذلك بطيب نفس منها، ولها الحق في أن تطلب أجرة على عملها معه، إن لم تفعل ذلك متبرعة، وأما أن يجعل الزوج نفقتها أجرة فهذا أمر منه غريب، فنفقة الزوجة قد أوجبها الشرع على الزوج على كل حال، فلا يجوز للزوج أن يمنعها إياها إلا لأمر مشروع كنشوزها مثلا، وراجعي الفتوى رقم: 19453.

وخدمة المرأة زوجها تجب فيما جرى به العرف على الراجح من أقوال الفقهاء، وسبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 163681.

ولكن لا يجوز للزوج أن يكلف زوجته ما لا تطيق، بل نص الفقهاء على أن أن المرأة إن كانت ممن يخدم وجب على الزوج أن يوفر لها خادما، وكلامهم مذكور بالفتوى التي أحلنا عليها آخرا، وقد بينا بفتوى سابقة أنه لا يلزم الزوج الإتيان لأخذ زوجته من بيت أهلها، هذا هو الأصل، ولكن إن جرى العرف بإتيان الزوج لأخذ زوجته في هذه الحالة فيعمل بما جرى به العرف، فراجعي الفتوى رقم: 213277.

فلا يجوز لك رفض الرجوع ما لم يكن ثمة عرف يخالف ذلك وإلا كنت آثمة بالرفض، وإذا تعنت الزوج ورفض الإتيان فننصح في مثل هذا بتحكيم العقلاء من أهلك وأهله، ليصلوا إلى حل يحفظ لكل منكما كرامته، وأما الطلاق فمن حقك طلبه إذا كنت متضررة من بقائك معه، فالضرر البين من مسوغات طلب الطلاق، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 37112.

ولكن قد لا تكون المصلحة في الطلاق دائما، فعليك بالموازنة ومشاورة الناصحين من أهلك أو غيرهم، وننبه في الختام إلى أن الإنجاب حق لكل من الزوجين، فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته منه لغير عذر شرعي، وانظري الفتوى رقم: 126211.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني