السؤال
بداية جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للمسلمين من خدمات وبارك الله فيكم وجعله في موازين حسناتكم، ثانيا: أود أن أسأل بعض الأسئلة وأتمنى أن تتسع صدوركم لي:
1ـ خرجت مع زوجتي بنية العمرة وعندما وصلنا إلى مكة ودخلت زوجتي لتتوضأ وجدت أن دم الحيض قد نزل عليها فبالطبع لم تؤد العمرة وأديت أنا عمرتي ورجعنا إلى محل الإقامة ـ المدينة المنورة ـ وهي الآن محرمة، فهل لها أن تتحلل من إحرامها وهي في المدينة إلى أن تطهر ثم تأتي مكة وتؤدي عمرتها بعد رمضان، علما بأن مكة المكرمة في الوقت الحالي شديدة الازدحام ومعنا طفل رضيع ولا نستطيع الانتظار حتى انتهاء شهر رمضان على نفس الحال من الإحرام ومراعاة محظورات الإحرام وغيرها؟ مع العلم أننا قلنا ونحن خارجين إلى مكة، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فهل الاشتراط يؤثر في شيء؟.
2ـ أختي حامل في الشهر الثالث وقد شق عليها الصيام جدا، فهل لها أن تفطر؟ ولو أفطرت ووضعت حملها فلن تستطيع أن تصوم حتى رمضان القادم أو رمضان التالي، لأنها ستكون مرضعا، فما العمل؟ وهل تنتظر حتى يأتي رمضان بعد رمضان بعد رمضان أم ماذا تفعل؟.
3ـ نويت الاعتكاف ـ إن شاء الله تعالى ـ فهل لي أن أخرج من الاعتكاف للعمل أو لإحضار الطعام أو الصلاة مأموما وليس إماما في مسجد آخر لعظم ثوابه مثل الحرم والعودة مباشرة إلى مسجدي؟ ولو خرجت من المسجد إلى البيت للأكل لعدم وجود طعام كاف في المسجد، فهل يبطل الاعتكاف؟ وجزاكم الله كل خير.
4ـ آسف للإطالة وأود إخباركم أنني أبحث عن موقع للفتوى منذ 3 أيام حتى يرد أحد على تساؤلاتي وباركالله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما زوجتك فالواجب عليها أن تبقى محرمة حتى تؤدي عمرتها، وليس الزحام المذكور عذرا في التحلل وترك إتمام النسك فما أكثر النساء اللاتي يؤدين نسكهن بلا ضرر في هذا الوقت، ولها أن تؤخر عمرتها إلى أن تخف الزحمة، لكن لا بد أن تستمر في إحرامها في ذلك، وأما اشتراطها فإنه يبيح لها التحلل عند بعض العلماء وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وانظر الفتوى رقم: 100930.
ولكن الاحتياط ألا تتحلل ما دامت قادرة على أداء النسك بلا مشقة كبيرة ـ كما هو الظاهر ـ وأما أختك فما دام الصوم يشق عليها فلها أن تفطر، فإن عجزت عن القضاء حتى مر رمضان أو أكثر فلا شيء عليها، وعليها أن تقضي عند تمكنها من ذلك، وإن كان فطرها للخوف على الولد فعليها الفدية إضافة إلى القضاء عند بعض العلماء، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 113353.
وأما خروجك من الاعتكاف: فإن كان لما لا بد منه كقضاء الحاجة وشراء طعام لا بد منه ونحو ذلك فلا يضر ولا ينقطع به الاعتكاف، وأما خروجك للصلاة في مسجد آخر أو للعمل أو لأمر لك منه بد فإنه يبطل به الاعتكاف وانظر الفتويين رقم: 57602، ورقم: 100759.
ولكن إذا اشترطت فعل ما لك منه بد كالصلاة في مسجد آخر أو نحو ذلك لم يفسد اعتكافك بالخروج إليه عند كثير من العلماء، قال الموفق رحمه الله: إذا اشترط فعل ذلك ـ يعني عيادة المريض واتباع الجنازة ـ في اعتكافه فَلَهُ فِعْلُهُ، وَاجِبًا كَانَ الِاعْتِكَافُ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ قُرْبَةً، كَزِيَارَةِ أَهْلِهِ، أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ، أَوْ شُهُودِ جِنَازَةٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُبَاحًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، كَالْعَشَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، وَالْمَبِيتِ فِيهِ، فَلَهُ فِعْلُهُ، قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَأْكُلَ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَ: إذَا اشْتَرَطَ فَنَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَتُجِيزُ الشَّرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت لَهُ: فَيَبِيتُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ تَطَوُّعًا، جَازَ، وَمِمَّنْ أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَشَاءَ فِي أَهْلِهِ الْحَسَنُ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو مِجْلَزٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. انتهى.
والله أعلم.