الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المراد بـ (آية) في سورة يونس، والتوفيق بينها وبين(آية) في سورة القمر

السؤال

أيهما نزل أولا من القرآن الكريم سورة يونس أم سورة القمر؟ والسؤال بشكل آخر: يقول ربنا تبارك وتعالى في بداية سورة القمر: اقتربت الساعة وانشق القمر ـ فدل ذلك على أن الله أرى مشركي مكة آية من عنده وهي انشقاق القمر، أما في سورة يونس فيقول ربنا: ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ـ فدلت كلمة: إنما الغيب لله ـ وكلمة: فانتظروا على أنه لم يأتهم النبي عليه الصلاة والسلام بعد بآية حسية من جنس ما طلبوا، فهل ذلك ينافي معجزة انشقاق القمر؟ أم أن الآية لها مفهوم آخر؟ أم أن سورة يونس نزلت قبل القمر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن نزول سورة القمر كان قبل نزول سورة يونس، على ما ذكره السيوطي في كتابه الإتقان من طريق ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ولا خلاف بين أهل العلم في أن كلا هاتين السورتين مكية بمجموعها، وإن كان في بعض آياتهما خلاف، قال القرطبي: سورة يونس عليه السلام مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس: إلا ثلاث آيات من قوله تعالى: فإن كنت في شك ... إلى آخرهن، وقال مقاتل: إلا آيتين وهي قوله: فإن كنت في شك ... نزلت بالمدينة، وقال الكلبي: مكية إلا قوله: ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به.

وقال عن سورةالقمر: مكية كلها في قول الجمهور، وقال مقاتل: إلا ثلاث آيات من قوله تعالى: أم يقولون نحن جميع منتصر إلى قوله: والساعة أدهى وأمر ـ ولا يصح.

ثم إنه لا تعارض بين الآيتين البتة، لأن المراد بـ (آية) في سورة يونس، آية مخصوصة، وليس كل آية، لأن أهل مكة طلبوا منه صلى الله عليه أن يريهم آيات عينوها عنادا منهم؛ كقولهم له: لَوْلا أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا. وكقولهم: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا {الإسراء:90}.

فلما استبطئوا ما سألوه قالوا هذا القول، وليس معنى الآية أنهم لم يروا منه قبل استفهامهم هذا أي معجزة، بل قد رأوا الآيات فلم يزدادوا إلا تكذيبا.

قال ابن جزي: وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ ـ كانوا يطلبون آية من الآيات التي اقترحوها، ولقد نزل عليه آيات عظام فما اعتدوا بها لعنادهم وشدة ضلالهم.

وقال البغوي: وَيَقُولُون ـ يعني: أهل مكة: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، أي: على محمد صلى الله عليه وسلم: آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ـ على ما نقترحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني