السؤال
ذكر داعية شاب في محاضرة له حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول, ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا, ثم سلوا الله لي الوسيلة, فإنها منزلة في الجنة, لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن أكون أنا هو, فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة), وعندما وصل إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم (سلوا لي الوسيلة) قال: إنه عند دعائنا للنبي صلى الله عليه وسلم بالوسيلة فسوف يقول الملك: (ولك بالمثل), وهذا الذي استوقفني من كلامه, فكيف يكون ذلك, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: (لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن أكون أنا)؟ وقد قال صاحب مرقاة المفاتيح: (لا تنبغي) أي: لا تتيسر, ولا تحصل, ولا تليق (إلا لعبد) أي: واحد، وفي رواية: إلا لعبد مؤمن (من عباد الله) أي: جميعهم (وأرجو): قاله تواضعًا; لأنه إذا كان أفضل الأنام، فلِمن يكون ذلك المقام غير ذلك الهمام عليه السلام، قاله ابن الملك. انتهى
والذي أفهمه أن النبي صلى الله عليه وسلم وضّح في الحديث أنه بسؤالنا له الوسيلة يتحقق لنا الشفاعة, فهذا فيه غنىً عن ما قال هذا الداعية - غفر الله لنا وله - فصوبوني إن كنت محقًّا, ووضحوا الخطأ إن كنت على خطأ, وما أبرئ نفسي, إن النفس لأمارة بالسوء.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل هذا الداعية استفاد ما ذكره مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أن: من دعا لأخيه بظهر الغيب قال له الملك: ولك بمثله, وهذا فهم عجيب, فإن الملك لا يدعو للمؤمن بحصول أمر مستحيل، والصواب الذي لا شك فيه هو ما صح به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الوسيلة منزلة في الجنة لا ينالها إلا عبد واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم, والداعي للنبي صلى الله عليه وسلم بنيل الوسيلة إنما يحصل له عظيم الأجر, ويكون على رجاء استحقاق شفاعته صلى الله عليه وسلم, وأعظم بها من مثوبة، قال المباركفوري: الوسيلة هي: ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أي: تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، قاله الحافظ, والمتعين المصير إلى ما في هذا الحديث من تفسيرها (فإنها) أي: الوسيلة (منزلة في الجنة) من منازلها, وهي أعلاها على الإطلاق (لا تنبغي) أي: لا تليق, ولا تصلح, ولا تحصل, ولا تتيسر تلك المنزلة (وأرجو) قال المناوي: ذكره على منهج الترجي تأدبًا وتشريعًا, وقال القرطبي: قال ذلك قبل أن يوحى إليه أنه صاحبها، ثم أخبر بذلك، ومع ذلك فلا بد من الدعاء بها، فإن الله يزيده بكثرة دعاء أمته رفعة, كما زاده بصلاتهم، ثم يرجع ذلك إليهم بنيل الأجور, ووجوب شفاعته صلى الله عليه وسلم. انتهى, فما استدركته على هذا الداعية في محله.
والله أعلم.