السؤال
هل نسوِّد النبي والصحابة والعلماء؟ ومتى يجوز أن نزيد – نخرج - عن المأثور؟ وما تفسير حديث "آمنت برسولك الذي أرسلت بدلًا من نبيك"؟ وهل للكل من اسمه نصيب؟
هل نسوِّد النبي والصحابة والعلماء؟ ومتى يجوز أن نزيد – نخرج - عن المأثور؟ وما تفسير حديث "آمنت برسولك الذي أرسلت بدلًا من نبيك"؟ وهل للكل من اسمه نصيب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بأنهم سادتنا فهذا حق لا شك فيه، والإخبار عنهم بذلك أمر جائز كذلك؛ لأنه إخبار بحق، ولكن في المواطن التعبدية كالصلاة, والأذان, فإنه يلتزم المأثور عنه صلى الله عليه وسلم, ولا يزاد عليه، ولم يحفظ عنه ولا عن أحد من أصحابه ذكر هذا اللفظ في مثل هذه المواضع، وانظر الفتوى رقم: 969.
وكذا وصف العلماء بأنهم سادتنا حق لا شك فيه، فيجوز وصفهم بهذا والإخبار عنهم به, وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن نقول للمنافق سيدًا، فدل على أن أهل العلم والإيمان لا حرج في وصفهم بهذا.
وأما الخروج عن المأثور فيفيدك في موطن منعه وجوازه أن تعرف حد البدعة الشرعية المذمومة، فإذا ضبطت حد البدعة عرفت ما يكون من الخروج عن المأثور بدعة مذمومة, وما لا يكون كذلك، ولبيان ما هي البدعة المذمومة انظر الفتوى رقم: 99061, ورقم ورقم: 132702.
وأما الحديث المشار إليه فإنك تعني حديث البراء, وأن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من أن يقول: ورسولك الذي أرسلت، وأمره أن يلزم ما علمه إياه من قول: ونبيك الذي أرسلت, وذلك في الدعاء الذي علمه أن يقوله إذا أوى إلى فراشه، وهو دال على أهمية لزوم اللفظ الوارد المأثور, وأن غيره ليس بمنزلته، قال في نيل الأوطار: يحتمل أن يكون أشار بِقَوْلِهِ: وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت إلَى أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا قَبْل أَنْ يَكُونَ رَسُولًا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: وَرَسُولِك الَّذِي أَرْسَلْت وَصْفٌ زَائِدٌ؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ لَيْسَ بِمَعْنَى لَفْظِ النَّبِيِّ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْوَصْفَيْنِ صَرِيحًا، وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ النُّبُوَّةِ، أَوْ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةَ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ، وَتَقْدِيرِ الثَّوَابِ، فَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَيْسَ فِي الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ يُرَادِفُهُ فِي الظَّاهِرِ، أَوْ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَرَأَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ. انتهى.
وأما هل للكل من اسمه نصيب؟ فقد ذكر بعض أهل العلم في حكمة النهي عن التسمي بالأسماء القبيحة وتخير الأسماء الحسنة أن للاسم ارتباطًا بالمسمى وتأثيرًا فيه، قال ابن القيم - رحمه الله -: لَمَّا كَانَتِ الْأَسْمَاءُ قَوَالِبَ لِلْمَعَانِي، وَدَالَّةً عَلَيْهَا، اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا ارْتِبَاطٌ وَتَنَاسُبٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَعْنَى مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا، فَإِنَّ حِكْمَةَ الْحَكِيمِ تَأْبَى ذَلِكَ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ، بَلْ لِلْأَسْمَاءِ تَأْثِيرٌ فِي الْمُسَمَّيَاتِ، وَلِلْمُسَمَّيَاتِ تَأَثُّرٌ عَنْ أَسْمَائِهَا فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ، وَاللَّطَافَةِ وَالْكَثَافَةِ كَمَا قِيلَ: وَقَلَّمَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ ... إِلَّا وَمَعْنَاهُ إِنْ فَكَّرْتَ فِي لَقَبِهْ, وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنِ، وَأَمَرَ إِذَا أَبْرَدُوا إِلَيْهِ بَرِيدًا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الِاسْمِ حَسَنَ الْوَجْهِ, وَكَانَ يَأْخُذُ الْمَعَانِيَ مِنْ أَسْمَائِهَا فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ كَمَا رَأَى أَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ فِي دَارِ عقبة بن رافع، فَأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ، فَأَوَّلَهُ بِأَنَّ لَهُمُ الرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الدِّينَ الَّذِي قَدِ اخْتَارَهُ اللَّهُ لَهُمْ قَدْ أَرْطَبَ وَطَابَ، وَتَأَوَّلَ سُهُولَةَ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ مَجِيءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَيْهِ.... إلى آخر كلامه - رحمه الله -.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني