الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالطلاق على أمر يظن عدم حصوله

السؤال

كنت جالسًا مع زوجتي نتبادل أطراف الحديث, وفي وسط الكلام قالت لي: شخص ما يقول إن منزلك الذي قمت بتشييده من مال حرام, ففيه 60 دينارًا فقط من مال حرام, ونيتي أن أسددها؛ لأنني لم أقم بسرقتها, بل في نهاية كل شهر كنت أسلم رواتب العمال, وبقي معي هذا المبلغ, وفي نيتي – واللهِ – أن أقوم بسداده, فقلت لها: (عليّ الطلاق بالثلاثة, كل بيتي ده من عرق جبيني) وأقسم برب العزة أنني كنت ناسيًا عندما حلفت ذلك اليمين, وإذا كنت متذكرًا كلامي هذا فلن أحلف, وحلفت لها ذلك اليمين للتأكيد على ذلك الأمر فقط, ولم يخطر ببالي أي أمر آخر, مع العلم أن هذه الستين دينارًا لم أضعها في تشييد بيتي, بل صرفتها في مصاريف شخصية, فأرجو منكم أن تفيدوني؛ لأني أحب زوجتي كثيرًا, وهذا الموضوع لا يسمح لي بالنوم, وأعتذر للإطالة, وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت صادقًا فيما حلفت عليه من كونك لم تدخل مالًا حرامًا في بناء بيتك فلم يقع على زوجتك طلاق، وعلى فرض أنك أدخلت بعض المال الحرام في بناء البيت, ولكنك حلفت ظانًا عدم حصوله، فالراجح حينئذ عدم الحنث، قال ابن قدامة - رحمه الله -: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن، فلا كفارة عليه؛ لأنه من لغو اليمين, وقال : وفي الجملة، لا كفارة في يمين على ماض؛ لأنها تنقسم ثلاثة أقسام: ما هو صادق فيه، فلا كفارة فيه إجماعًا, وما تعمد الكذب فيه، فهو يمين الغموس، لا كفارة فيها؛ لأنها أعظم من أن تكون فيها كفارة, وما يظنه حقًّا، فيتبين بخلافه، فلا كفارة فيه؛ لأنه من لغو اليمين.

لكن عليك أن تؤدي الحق لأهله - سواء كانت الجهة التي وكلتك بصرفه للعمال, أو كان العمال - ففي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ... وفيه: ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره. وفي الحديث الآخر: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه.
وننصحك بالبعد عن الحلف بالطلاق؛ لأنه من أيمان الفساق, وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، والحلف المشروع يكون بالله تعالى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني