السؤال
أنا وزوجي نتشاجر لأتفه الأسباب مما جعل الحياة بيننا صعبة جدا، وما يزيد من غضبي أنه يخاصمني طيلة أشهر فلا يتحدث ولا يأكل ولا ينام معي حتى كرهت العيش معه، بل وقلت له إنني كرهته وطلبت منه أن يراجع نفسه لكنه مستمر في تصرفاته منذ أكثر من أربعة أشهر فطلبت منه الطلاق مادام لا يريد معاشرتي كزوجين، فقال لي أنا لا أمسكك اذهبي، مع العلم أنني ساعدته في شراء المنزل وفي تأثيثه، فإلى أين أذهب وعندي ثلاثة أطفال؟ وهل هذا إيلاء أو طلاق أو ماذا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول زوجك: اذهبي ـ ليس صريحا في الطلاق، وإنما هو كناية لا يقع به الطلاق إلا إذا نواه الزوج، وانظري الفتوى رقم: 184031.
وأما ثبوت حكم الإيلاء بترك الزوج الجماع فوق أربعة أشهر، فإن كان حلف على ترك الجماع فهو مولي، وأما إذا تركه من غير حلف فقد اختلف أهل العلم في ذلك، قال ابن رشد: وَأَمَّا لُحُوقُ حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِلزَّوْجِ إِذَا تَرَكَ الْوَطْءَ بِغَيْرِ يَمِينٍ: فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَمَالِكٌ يُلْزِمُهُ، وَذَلِكَ إِذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ.
فعلى قول المالكية يمكنك رفع الأمر للقاضي لينظر في أمره، فإما أن يطلق عليه أو يمهله مدة حسب اجتهاد القاضي، قال الدسوقي رحمه الله: أوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ، أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ وَتَضَرَّرَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَاقِهَا عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا بِدُونِ أَجَلٍ أَوْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَاجْتَهَدَ فِي قَدْرِهِ مِنْ كَوْنِهِ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ، وَأَمَّا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.
وإذا كان زوجك يهجرك دون مسوغ فمن حقك طلب التطليق، قال الدردير: ولها ـ أي للزوجة ـ التطليق على الزوج بالضرر وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي..
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك وتتعرفي على أسباب إعراضه عنك، وإن كان منك تقصير في شيء فعليك تدارك ذلك ومعاشرته بالمعروف والحرص على حسن التبعّل له، فإن لم يفد ذلك فليتدخل حكم من أهلك وحكم من أهله للإصلاح بينكما وفعل ما يريان من المصلحة في المعاشرة بالمعروف أو الطلاق في حال تعذر الإصلاح، وفي حال وقوع الطلاق فإن حضانة الأولاد الصغار لك ما لم يكن بك مانع من موانع الحضانة، ونفقة الأولاد وسكناهم تجب على أبيهم، وكذلك سكناك مدة الحضانة إذا لم يكن لك مسكن، على ما رجحناه في الفتوى رقم: 126786.
والله أعلم.