السؤال
لقد طلقت زوجتي تخويفا بعد علمي أن عليها الدورة الشهرية، وسألت، فقالوا: لا يقع الطلاق، فتجرأت وطلقتها للتخويف، وليس بنية الطلاق، وقد راجعتها مع نفسي بصوت منخفض خوفا أن يكون قد وقع الطلاق.
وبعد فترة طويلة فعلت فعلا أساءت به إلي، وقلت لها: أنت طالق، بنية الطلاق.
سؤالي: هل يجوز لي مراجعتها؟ وهل عليها أن تعتد في البيت، علما أنها جاءت بعد الطلاق تقبل يدي، وقدمي، وتقبل رأسي، وتعتذر عن ما فعلت ؟
ماذا أفعل هل يجوز لي المراجعة؟ وما ذا أفعل أنا في حيرة من أمري؟
أجيبوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق حكم من أحكام الشرع، لا ينبغي للمسلم أن يجعله مطية للتهديد والتخويف.
وأما الطلاق في حال الحيض، فهو محرم بإجماع العلماء.
قال ابن تيمية: إذا طلقها في الحيض ولم تكن سألته الطلاق؛ فإن هذا الطلاق حرام باتفاق العلماء.اهـ.
وهو مع حرمته واقع عند عامة العلماء.
قال ابن المنذر: ممن مذهبه أن الطلاق يقع على الحائض: الحسن، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة، وكذلك قال الثوري سفيان، وأصحاب الرأي، وهو قول الأوزاعي، وأهل الشام، وبه قال الليث بن سعد، وأهل مصر، وهو قول الشافعي وأصحابه: أبي ثور وغيره، وبه قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وكذلك نقول، ولا نعلم أحدا خالف ما ذكرناه إلا فرقة من أهل البدع، فإنهم زعموا أن الحائض لا يلحقها الطلاق إذ مطلقه متعد ما أمر به، فصار طلاقه باطلا، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مر عبد الله فليراجعها" دليل على وقوع الطلاق على الحائض، مع أن ابن عمر قد ذكر أنه احتسب بتلك التطليقة، وقد ذكرنا بعض ما يدخل من جهة النظر من خالف ما قلناه في غير الكتاب.اهـ.
والقول بوقوع الطلاق في الحيض هو الذي نفتي به، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم عدم وقوع الطلاق في الحيض. وإذا أفتاك من تثق بعلمه بهذا القول، وأخذت به فلم تحتسب الطلقة في الحيض، فلا حرج عليك إن شاء الله، كما بيناه في الفتويين: 147491 139872 .
ويجوز لك مراجعة زوجتك من طلاقك الثاني ما دامت في العدة - سواء قلنا بوقوع الطلاق الأول الذي في الحيض أم لا -، ويجب على زوجتك أن تعتد في البيت، ولا يجوز أن تخرجها؛ لأنها ما زالت في حكم الزوجة، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطلاق:1}.
قال ابن المنذر: وإنما اختلف أهل العلم في خروج المطلقة ثلاثا، أو مطلقة لا رجعة للزوج عليها من بيتها. فأما من له عليها رجعة فتلك في معاني الأزواج. وكل من أحفظ عنه من أهل العلم يرى أن لزوجها منعها من الخروج حتى تنقضي عدتها، وليس لها أن تخرج.اهـ.
والأولى في قضايا الطلاق مراجعة القضاء الشرعي، ليحكم فيها.
والله أعلم.