السؤال
إذا حققت شروط التوبة الثلاثة, واستغفرت لمن اغتبته, ولم أطلب السماح منه, ولم أثنِ عليه في المجالس - لقول ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس: قال حذيفة - رضي الله عنه -: كفارة من اغتبته أن تستغفر له, وقال عبد الله بن المبارك لسفيان بين عيينة: التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته - فهل التوبة صحيحة؟ مع العلم أني لم أثنِ, ولم أطلب السماح منه؛ احتجاجًا بقول حذيفة وعبدالله بن المبارك, وأنا لا أريد أقوال أهل العلم الذين قالوا غير هذا القول, وإنما سؤالي هو: إذا تبت ولم أثنِ ولم أطلب السماح فهل التوبة صحيحة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوبتك صحيحة - إن شاء الله تعالى - ولو لم تطلب السماح منه، لكن ينبغي أن تثني عليه في المواطن التي اغتبته فيها، وأن تدعو وتستغفر له، وأن تهدي إليه عملًا صالحًا يقوم مقام اغتيابه، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فَأَمَّا إذَا اغْتَابَهُ أَوْ قَذَفَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ: مِنْ شَرْطِ تَوْبَتِهِ إعْلَامُهُ, وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ, وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ, وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد, لَكِنَّ قَوْلَهُ [في] مِثْلَ هَذَا أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْمَظْلُومِ حَسَنَاتٍ ,كَالدُّعَاءِ لَهُ, وَالِاسْتِغْفَارِ, وَعَمَلٍ صَالِحٍ يَهْدِي إلَيْهِ يَقُومُ مَقَامَ اغْتِيَابِهِ وَقَذْفِهِ. اهـ.
وقال في مختصر الفتاوى المصرية: وَإِن اغتاب غَائِبًا وَهُوَ لم يعلم دَعَا لَهُ, وَلَا يحْتَاج إِلَى إِعْلَامه فِي أصح قولي الْعلمَاء. اهـ.
وقال ابن القيم في كتابه الوابل الصيِّب: ... والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه، بل يكفيه الاستغفارُ، وذِكْرُهُ بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها. اهـ.
والله أعلم.