السؤال
أعاني من الوسوسة فادعو لي بالشفاء، وسؤالي هو: إذا كنت أتوضأ وأثناء الوضوء، وقعت نجاسة على عضو من أعضاء الوضوء قد غسلته، فهل أرجع لغسل العضو مرة أخرى ثم أكمل وضوئي؟ أم أكمل وضوئي ثم بعد انتهائي أزيل تلك النجاسة؟ وهل يبطل وضوئي بذلك؟ وإذا قلتم بإعادة غسل العضو المتنجس، فهل اختل هنا شرط الموالاة، لأنه قد يجف العضو الذي قبله؟ والذي حدث هو أنني بعد غسلي لقدمي اليمنى وضعتها على مكان قد قتلت فيه صرصور مراحيض، ولوسوستي شككت هل أعيد غسلها لتنجسها أم أكمل لدحر الشيطان؟ فأكملت وضوئي وغسلت قدمي اليسرى، ثم بعد انتهائي رفعت قدمي اليمنى لأرى هل فيها شيء، فوجدت رائحة من ذلك الصرصور، ولا أعلم هل هذه الرائحة حقيقة أم وسوسة؟ وقد صليت الفجر، فهل وضوئي وصلاتي صحيحان؟ أجيبوني بارك الله فيكم، وتقبل الله صيامكم وقيامكم وسائر أعمالكم الصالحة، آمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك السوء ويهديك لأرشد أمرك، فيبدو أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا، وأضر بك ضررا بالغا، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن علاج الوساوس الذي لا علاج لها غيره ولا أنجع منه بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتويين رقم: 51601 ورقم: 134196.
واعلم أنه مع القول بأن صراصير الكنف ـ المراحيض ـ نجسة، فلا يحكم بانتقال النجاسة إلى قدمك لمجرد وضع قدمك على نفس المكان الذي قتلت فيه الصرصور، إذ لا يلزم من قتلها بقاء شيء منها في مكان قتلها، فلا تحكم بذلك حتى يحصل لك اليقين الجازم بأن قدمك قد تنجست، وقد ضبط بعض السلف هذا بأن يحصل اليقين الذي يحلف عليه، فإذا شككت في شيء أنه قد أصابته نجاسة بملامسته فلا تلتفت إلى هذا الشك، وابنِ على الأصل وهو الطهارة، كما أن طهارة أعضاء الوضوء من النجاسة ليست شرطا لصحة الوضوء، بل لو توضأ أحد وعلى عضو من أعضائه نجاسة ونوى بغسله رفع الحدث أجزأه، قال النووي في المجموع: ولم يعد الأكثرون إزالة النجاسة من واجبات الغسل، وأنكر الرافعي وغيره جعلها من واجب الغسل، قالوا: لأن الوضوء والغسل سواء، ولم يعد أحد إزالة النجاسة من أركان الوضوء. انتهى.
وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 122713.
وكذلك إعادتك لغسل الرجل اليمنى لا يخلّ بالمولاة في غسل أعضاء الوضوء إذا كان الفصل بينها يسيرا، كما هو الظاهر من الحال المسؤول عنها، قال النووي في المجموع: فَالتَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَا يَضُرُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، نَقَلَ الإجماع فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 41446، ورقم: 136313.
والله أعلم.