الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة أنه لن يدخل الجنة إلا من ختم له علي بن أبي طالب جواز المرور

السؤال

سمعت أحد الشيوخ في خطبةٍ له في ألمانيا يقول: "إنه لن يدخل الجنة إلا من ختم له علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ جواز المرور" وأريد أن أعرف هل هذا حديث ضعيف؟ أم مكذوب؟ أم ماذا؟ - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالخطيب المشار إليه كذاب, ومتقول على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم, فالله تعالى علّق دخول الجنة على الإيمان والعمل الصالح، فقال: وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ {غافر: 40}.

ووعد سبحانه أن يدخل المؤمنين الجنة، فقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة: 72}.

وثبت عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه -: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. رواه البخاري ومسلم.

وعند مسلم أيضًا عن ابن عباس ـ وهو من أهل البيت - رضي الله عنهم أجمعين ـ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمر - رضي الله عنه -: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ, اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ, قَالَ عمر: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ. اهـ.

بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث عليًّا نفسه ـ رضي الله عنه ـ في حجة الوداع بأن يخبر الناس أنه لن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ففي مسند أحمد وغيره عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ ـ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ ـ قال: سَأَلْنَا عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ - يَعْنِي يَوْمَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحَجَّةِ؟ - قَالَ بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلَا يَحُجُّ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.

ولم يقل - رضي الله عنه -: لن يدخل الجنة إلا من ختمت له.

وكل من عرف دين الإسلام حقًّا يدرك أن الحديث الذي ذكره ذلك الكذاب كذب محض, وأنه كذب على علي أيضًا الذي يزعم حبه, ويجب عليك - أيها السائل - أن تحذر الناس من هذا الخطيب قيامًا بواجب النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني