السؤال
منذ سنتين وأنا واقعة بين الظن واليقين في مسألة وجود الخالق، وصدق محمد، وأنا الآن في مرحلة الظن، فما حكم الإسلام في مسألة زواجي من رجل مسلم أهي حلال أم حرام؟
منذ سنتين وأنا واقعة بين الظن واليقين في مسألة وجود الخالق، وصدق محمد، وأنا الآن في مرحلة الظن، فما حكم الإسلام في مسألة زواجي من رجل مسلم أهي حلال أم حرام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعرض على القلب من شك في وجود الخالق على قسمين:
القسم الأول: أن يكون مجرد وساوس من الشيطان، مع استقرار الإيمان في القلب، فالواجب في هذه الحالة؛ دفع الوساوس، والاستعاذة بالله، وعدم الكلام بمقتضاها.
القسم الثاني: أن يستقر الشك في القلب، ولا يكون مجرد حديث نفس، بل قد يترتب عليه مقتضاه من قول، أو فعل، فهذا كفر بالله تعالى.
إذا ثبت هذا؛ فإن كان حالك على ما ورد في القسم الأول؛ فيجوز لهذا الرجل الزواج منك.
وإن كان على ما ذكر في القسم الثاني؛ فلا يجوز له الزواج منك، إلا إذا تبت من ذلك.
ويجب عليك التوبة؛ إذ كيف يشك الإنسان في وجود خالقه، وكل هذا الكون بنظامه، ودقته، شاهد على وجوده، بل الإنسان نفسه أكبر دليل على وجود خالقه، فهو أوجد من العدم، ومرّ بمراحل، وأطوار متعددة في بطن أمه، ثم يخرج إلى هذا العالم، ويعيش أطوار حياته، فيتم كل ذلك وفقًا لسنن كونية ثابتة لا تتغير، ولا تتبدل، ومن هنا جاء التنبيه القرآني: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21]، هذا من جانب.
ومن جانب آخر؛ فإنه يستحيل عقلًا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه، دون موجِد له، ولتنظري إلى أبسط المخترعات الحديثة، المصباح الكهربائي مثلًا، فهل من الممكن أن نتصور تجمع مادته بنفسها صدفة؛ ليتكون منها هذا الجهاز البسيط!!؟ إذا كان هذا مستحيلًا، فكيف يعقل إذن أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق، له المنتهى في صفات الكمال؟!!.
ولنتدبر قول الله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ [الطور:35-36]، هذا غيض من فيض فيما يتعلق بالأدلة على وجود الله، والمقام لا يحتمل البسط، فلنكتفِ بهذا.
أما صدق الرسالة، فيتضح فيما يلي:
أولًا: ما عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة من حسن السيرة، والخصال الحميدة، ومكارم الأخلاق من الصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، فكيف يجرؤ أحد قد اتصف بهذه الصفات، أن يكذب على رب العالمين، ويزعم أنه نبيه الأمين، وهو لم يكن يكذب على الخلق، فكيف يكذب على الله تعالى!!!
ثانيًا: المعجزات التي قد أيده الله تعالى بها، وقد تواترت أخبارها، وبقي القرآن المعجزة العظمى شاهدًا على صدق نبوته، ولم يتجرأ أحد على الإتيان بمثله، أو معارضته، مع فصاحة أعدائه، وشدة تحديه، وإحراجه لهم.
ثالثًا: ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من أمور غيبية، قد وقعت في الماضي، أو ستقع في المستقبل، وكان منها ما وقع طبقًا لما أخبر، كفتح القسطنطينية على أيدي المسلمين، وغيرها من الأخبار.
رابعًا: انتصاره على أعدائه، وما فتح على يديه من الأمصار، وما كان من فتوحات في عهد خلفائه؛ مما يشهد بصدق رسالته؛ إذ قد ثبت في الواقع المشاهَد قصم الجبابرة الكذابين، وقطع دابرهم، كمسيلمة الكذاب، وغيره ممن ادعى النبوة.
هذا وإننا لنرجو أن تراجع السائلة نفسها، وإنا على يقين أنها فاعلة ذلك -إن شاء الله-؛ لما نستشف من سلامة فطرتها، فلتجتهد في إزالة هذه الغشاوة العابرة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني