السؤال
حكم كراهة إعفاء اللحية, وتقصير الثوب للشخص نفسه, أو لشخص آخر – كصديق, ونحوه - دون كره الحكم الشرعي – أي: لا أكره أن الله أمرنا بإعفاء اللحى, وتقصير الثوب, لكن أكره أن أعفي لحيتي, وأن أقصر ثوبي - فهل هذا يدخل في حكم كره ما أنزل الله؟
حكم كراهة إعفاء اللحية, وتقصير الثوب للشخص نفسه, أو لشخص آخر – كصديق, ونحوه - دون كره الحكم الشرعي – أي: لا أكره أن الله أمرنا بإعفاء اللحى, وتقصير الثوب, لكن أكره أن أعفي لحيتي, وأن أقصر ثوبي - فهل هذا يدخل في حكم كره ما أنزل الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كره اللحية وتقصير الثوب باعتبارهما سنة نبوية وحكما شرعيًا يدخل في كره ما أنزل الله، وهو كفر - والعياذ بالله تعالى -.
وأما كره ذلك بمقتضى الطبع, مع الرضا والتسليم بالحكم الشرعي فليس كفرًا, قال الطاهر بن عاشور في تفسيره: وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَرَاهِيَة الطَّبْع الْفِعْل لَا تُنَافِي تَلَقِّيَ التَّكْلِيفِ بِهِ بِرِضًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ التَّكْلِيفِ لَا يَخْلُو عَنْ مَشَقَّةٍ.
وقد نص أهل العلم على جواز تمني تبديل الأحكام, أو أنها لم تشرع أصلًا, جاء في نوازل العلوي: مَن تمنى تبديل الأحكام بأنها لم تشرع أصلًا, أو بأخف منها, فهو جائز, نص عليه ابن حجر في مقدمة فتح الباري.
قال الشيخ أحمد في نظمه للنوازل:
ومن يقل لحكم شيء عُـرفا في الشرع ليت عنا ذاك خُفّفا
أو ليته في شرعنا لم يشرع فـقـول ذاك جـائز لم يـمنع.
وانظر الفتوى: 214216
هذا؛ وننبه إلى أن محبة الدين وتعاليمه من أمارات كمال الإيمان، وأنه ينبغي للمسلم أن يحب ما أحبه الله ورسوله، ويكره ما يكرهه الله ورسوله، فقد جاء في الحديث المرفوع: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به. ذكره النووي في الأربعين, وقال: حديث حسن صحيح، وتكلم بعض أهل العلم في سنده.
قال ابن رجب في جامع العلوم: ومَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًّا كَامِلَ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّتُهُ تَابِعَةً لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي, وَغَيْرِهَا، فَيُحِبُّ مَا أَمَرَ بِهِ، وَيَكْرَهُ مَا نَهَى عَنْهُ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني