الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف إن تم قبوله في الكلية أن يوزع أول راتب على أسرته

السؤال

حلفت أني إن قبلت في الكلية لأقسمنّ أول راتب على جميع أفراد أسرتي بالتساوي, قاصدًا لذلك الحلف - ليس يمين لغو - فإن قبلت في الكلية فهل يجب عليّ أن أفعل ذلك إن كنت محتاجًا لبعضه, وسأكمله وأؤديه إليهم فور مقدرتي على أدائه إليهم؟ - ربما أتأخر في الأداء شهرين, أو ثلاثة, أو حتى سنة كاملة – وأرجو سرد الأدلة أو أقوال أهل العلم إن وجدت - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من ألفاظ السؤال أن الذي صدر منك هو حلف معلق على أمر معين، فإذا كان حلفك باسم من أسماء الله تعالى, أو صفة من صفاته, وحصل المعلق عليه: فإنه يجب عليك أحد أمرين هما: فعل ما حلفت عليه، أو إخراج كفارة يمين, جاء في التذكرة في الفقه الشافعي لابن الملقن: ومن حلف ليتصدقن بماله، خير بينه وبين كفارة اليمين. اهـ

وعليه, فإذا قُبلت في الكلية: فإنه قد وقع ما علقت عليه يمينك, ومن ثم فعليك حينئذ أن تبر بيمينك، وتقسم أول راتب؛ لأنه الذي حلفت عليه.

وإذا لم تقسم الراتب الأول: فقد حنثت في يمينك, ولزمتك الكفارة، وهي: إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فعليك صيام ثلاثة أيام, وهذا الذي ذكرناه هو حيث لم تكن لك نية - كما هو ظاهر السؤال -.

وأما لو وجدت النية: فإن اليمين يتقيد بها؛ فلا يحصل الحنث إلا بمخالفة ما قصدته في حلفك.

وفي حال الحنث - عدم تقسيم أول راتب - فلا يجوز لك تأخير الكفارة لغير عذر عند الجمهور، وذهب الشافعية إلى جواز تأخيرها، وأن وجوبها على التراخي؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز تأخير كفارة اليمين، وأنها تجب بالحنث على الفور؛ لأنه الأصل في الأمر المطلق, وذهب الشافعية إلى أن كفارة اليمين تجب على التراخي.
هذا على أن ما جرى منك حلف، وأما إذا كان قصدك بما جرى أنه نذر مجازاة معلق على حصول القبول في الكلية؛ فنرجو أن توضح لنا ذلك، علمًا بأن النذر لا بد فيه من صيغة تدل على الالتزام بالقربة, كقولك: لله علي إن قبلت .. وهو ما لم نلاحظه في سؤالك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني