الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعراب قوله تعالى: كفاتا أحياءً وأمواتا

السؤال

قال تعالى: ألم نجعل الأرض كفاتا أحياءً وأمواتا.
إن كانت كفاتا بمعنى وعاء، كما قال بعض أهل التفسير. فهل يكون نصب أحياء، وأمواتا على نزع الخافض، فيصبح معنى الآية: ألم نجعل الأرض وعاءً للأحياء والأموات؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنذكر لك جملة من أقوال المعربين:

قال ابن عاشور: أحياء (مفعول) كِفاتاً؛ لأن كفاتاً فيه معنى الفِعل، كأنه قيل كافتةً أحياءً. وقد يقولون (منصوب بفعل مقدر دلّ عليه كِفاتاً)، وكل ذلك متقارب.

وقال صاحب الجدول في إعراب القرآن: (كفاتا) مفعول به ثان منصوب (أحياء) مفعول به لـ (كفاتا) ، (الواو) عاطفة في الموضعين.

وعلى ذلك أكثر المعربين.

وفصّلّ العلامة ابن هشام الأنصاري في إعراب القرآن فقال: مسألة: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} علام انتصب أحياء وأمواتا؟

الجواب: هذا يظهر بعد تفسير المعنى، وفي معناها قولان:

أحدهما: أن الكفات الأوعية وهي جمع، ومفردها كفت, والأحياء والأموات كناية عما ينبت منها، وما لا ينبت.

والثاني: أن الكفات مفرد مصدر كفته إذا ضمه وجمعه، ونظيره في المعنى والوزن كتبه كتابا. والتقدير: ذا كفات، كما تقول: زيد عدل, والأحياء والأموات مراد به بنو آدم.

فعلى التفسير الأول أحياء وأمواتا صفتان لكفاتا، وكأنه قيل: أوعية حية وميتة، أو حالا من الأرض، أو من كفاتا على ضعف في ذلك؛ لكونه نكرة، ولا يسوغ ذلك، تقدم النفي؛ لأن النفي المقرون بهمزة الاستفهام يراد به الثبوت. فكأنه قيل: جعلنا الأرض كفاتا. وأجاز بعضهم أن يكون تمييزا. كما تقول: عندي نحى سمنا، وراقود خلا. وفيه نظر لأنه مشتق. ولأن النحى، والراقود ليسا نفس السمن والخل بل محل لهما، والأحياء والأموات نفس الكفات. وعلى التفسير الثاني هما مفعولان لفعل دل عليه كفاتا، والتقدير: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتاً} تجمع {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} وأجاز بعضهم أن يكونا مفعولين لكفاتا نفسه، وليس بشيء؛ لأن ليس مقدرا بأن والفعل. انتهى.

ولم نطلع على قول للمفسرين بانتصاب "أحياء..." بنزع الخافض، ولعل السبب هو أن فعل: كفت يتعدى بنفسه، لا بحرف جر، فهو ينصب مفعوله بنفسه، فلا خافض محذوف.

وإنما الانتصاب بالنصب بالمصدر العامل "كفاتا" أو على تقدير "تجمع {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً}" كما قدره ابن هشام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني