السؤال
فضيلة الشيخ/ أنا متزوج منذ عشر سنوات، ويحصل خلاف بيني وبين زوجتي بسبب عنادها، وفرض رأيها، وتهديدها لي بقولها: طلقني، أم إنك غير قادر؟ وتتحداني وتقول: هل تريد نقودا لتطلق؟ مع إهانتها لي. ولي منها ثلاثة أولاد، وبنت. وأنا دائما أفكر في الأولاد، وخراب البيت، وهي عصبية. وقد حصل الطلاق في حالة غضب شديد، وهي تكلم أحد أقاربي، وقد أغضبني الموضوع جدا، وهي تنشر أسرار بيتي لأناس بيني وبينهم خلاف، وتقول لي طلق، وهي مغلقة على نفسها الباب، طلقني دعهم يسمعون، وهذا أغضبني جدا، وحصل مني تلفظ بالطلاق مرتين.
ما حكم الطلاق بسبب الإكراه منها، وأنا لم أكن أقصد الطلاق من أجل الأولاد، وخوفا من خراب البيت.
ما حكم ذلك جزاكم الله كل خير؟
وللعلم فهي كانت في المحيض.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن طلق مختاراً، غير مكره، مدركاً، غير مغلوب على عقله، فطلاقه نافذ، والإكراه المعتبر له شروط لا يتحقق بدونها.
قال المرداوي: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَادِرًا بِسُلْطَانٍ أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ.
فمجرد إغلاق زوجتك الباب وطلبها الطلاق، لا يعد إكراها لك على الطلاق؛ وراجع الفتويين: 42393، 126302
وطلاق الحائض نافذ عند أكثر أهل العلم رغم بدعيته، وهذا هو المفتى به عندنا؛ وانظر الفتوى رقم: 5584
كما أنّ الغضب إذا لم يسلب صاحبه الإدراك، ويغلب على عقله، فليس بمانع من نفوذ الطلاق؛ وانظر الفتوى رقم: 98385
وعليه، فإن كنت طلقت زوجتك مدركاً، غير مغلوب على عقلك، فطلاقك نافذ، ولك مراجعة زوجتك في عدتها ما دمت لم تستكمل ثلاث تطليقات؛ ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعا راجع الفتوى رقم: 54195
والواجب عليك أن تعاشر زوجتك بالمعروف، وعليها طاعتك في المعروف، فإن خفت نشوزها عليك، فاسلك معها وسائل الإصلاح بالتدرج: فتبدأ بالوعظ، فإن لم يفد، فالهجر في المضطجع، فإن لم يفد، فالضرب غير المبرح، فإن لم تفد معها وسائل الإصلاح فالطلاق آخر الحلول؛ وللفائدة راجع الفتوى رقم:178143
والله أعلم.