السؤال
سؤالي يتعلق بزكاة المال، وسأكتب التفاصيل؛ لأن الموضوع مهم للغاية، فالزكاة ركن من أركان الإسلام.
تاجر مسلم، يعيش في بلد غير مسلم، تجارته أنه يسافر من حين لآخر في معارض، أو يعقد صفقات تجارية بيعا وشراء. المهم هذا التاجر يقوم بالآتي: بعد كل سفر يسافره في تجارة، أو معرض للبيع، يعود فيقيِّم ما ربحه، ويقيم بضاعته، ثم يخرج عنها الزكاة المستحقة (رأس المال، والربح) ولا ينتظر حلول الحول، وقد يفعل هذا في العام مرة، أو أكثر حسب سفره، ولا مال لديه إلا هذا، ويظل ينفق مما اكتسبه من سفره للتجارة حتى يسافر في تجارة أخرى، فقبل سفره الجديد، يقوم بحساب بضاعته التي عنده، أو التي اشتراها للسفر الجديد، وعند عودته يحسب ما كسبه. فإن وجده بلغ النصاب، أخرج زكاته، وأكمل حياته من المال المتبقي لديه.
فالسؤال: هل يجوز هذا؟ يعني إخراج زكاة المال بعد كل صفقة، أم لا بد من انتظار الحول عاما كاملا؟
ملحوظة: أحيانا يحدث أن يحول الحول وما لديه من مال لا يبلغ النصاب؛ لأنه أنفق منه على حياته، ولكن وقت عودته من السفر يكون لديه مال بلغ النصاب، فيخرج عنه زكاته تطهيرا له، ولما قد يكون وقع فيه من أخطاء، ومخالفات، وهذه الطريقة لا يتأذى منها التاجر بالرغم من أنه قد ينفق من المال، وعند حلول العام يكون المال قد نفد، وما بقي منه إلا القليل، بالكاد يكفي شراء بضاعة جديدة لتجارة جديدة، وهكذا، ولكن هذه الطريقة يرتاح لها التاجر، ويرجو أن يتقبل الله منه هذا.
فأرجو الرد بشيء من التوضيح.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الزكاة لا تجب في عروض التجارة إلا بشرطين:
الأول: بلوغ قيمة العروض النصاب.
الثاني: حلول الحول.
وحول التجارة هو حول المال الذي اشتريت به، نقودا كان، أو عروضا.
وما يفعله التاجر المشار إليه، هو في حقيقته تعجيل للزكاة، وتعجيلها جائز إذا توافر الشرط الأول، بمعنى أن العروض بلغت النصاب، فيجوز له تعجيل زكاته قبل أن يحول الحول، ولكن يعجل زكاة النصاب فقط دون ربحه. فإذا عجل زكاة النصاب، والربح معا، صحت زكاة النصاب دون الربح.
قال ابن قدامة في تعجيل الزكاة: وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ، وَزَكَاةَ مَا يَسْتَفِيدُهُ، وَمَا يُنْتَجُ مِنْهُ، أَوْ يَرْبَحُهُ فِيهِ، أَجْزَأَهُ عَنْ النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ. اهــ.
وإذا قدم زكاة ماله في الحالة التي يجوز له فيها التقديم، فإنه يلزمه عند حولان الحول عليه، أن يحصي الزكاة التي عليه، وذلك بالنظر إلى ما في يده من السلع الموجودة، وما في يده من النقود التي جناها من التجارة، ويحسب من ذلك ربع العشر، ثم ينظر فيما عجله، فإن كان لا يقل عن الزكاة الواجبة، فذاك، وإن كان ما عجله أقل من الزكاة الواجبة، أخرج الباقي.
وأما إذا كان يعجل زكاته، والعروضُ لا تبلغ النصاب، فهذا لا يجزئ، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز تعجيلها قبل أن يكتمل النصاب.
قال ابن قدامة: وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ نِصَابٍ، فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ، أَوْ زَكَاةَ نِصَابٍ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ الْحُكْمَ قَبْلَ سَبَبِهِ. اهــ.
والله أعلم.