السؤال
إعادة السؤال لوجود خطأ وهو عدم اكتمال نص سؤالي السابق برقم: 2519408.
سافر ابني ذو التسعة عشر سنة من المدينة المنورة إلى جدة هو وزميلٌ له لتقديم أوراقهما لجامعة الملك عبدالعزيز لغرض الدراسة بها، وأثناء رجوعهما حصل لهما حادث توفي فيه ابني ونجا ـ ولله الحمد ـ زميله، علماً أن السيارة كان مستأجرها ابني، ولو علمت أنه سيقود هو أو سيقود زميله لما رضيت بذلك؛ لصغرهما وعدم إلمامهما بالقيادة في طريق السفر، وسبحان الله قبل أن يحصل الحادث طلب من زميله أن يبلغني ويبلغ زوجتي (أمه) بأن نسامحه، ولا أدري ماذا يقصد بهذا رحمه الله، والآن أنا وزوجتي (أمه) مسامحوه ومحللوه من كل شيء.
سؤالي حفظكم الله: هل يعتبر ابني شهيداً، كونه سافر لتلقي العلم؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعظم أجركم، ويحسن عزاءكم، ويرحم موتاكم وموتى جميع المسلمين، ونوصيكم بالصبر والحمد، ونذكركم بأن من فقد حبيبه من أهل الدنيا فحمد الله واسترجع واحتسبه عند الله تعالى بنى الله له بيتاً في الجنة وسماه بيت الحمد، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة. رواه البخاري وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد. رواه الترمذي وغيره.
وأما عن الشهادة فإن الميت بحادث السير يعتبر شهيدا ـ إن شاء الله تعالى ـ إذا توفرت فيه شروط الشهادة وانتفت عنه موانعها، فهو يشبه موت من يموت بالهدم، أو بمن يخر عن دابته المنصوص على أنهما من الشهداء؛ لذلك فقد ألحق بعض أهل العلم الموت بحادث السيارة بموت الهدم.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عمن مات بحادث سيارة هل يعتبر شهيدا؟ فأجاب: الميت بحادث يكون من الشهداء ـ إن شاء الله ـ لأنه كالميت بهدم أو غرق أو نحو ذلك، ولكن ليعلم أننا لا نحكم على الشخص بعينه إنه شهيد حتى وإن عمل عمل الشهداء؛ لأن الشهادة للشخص بعينه لا تجوز، كما لا تجوز الشهادة للشخص بعينه بالجنة إن كان مؤمنا، أو بالنار إن كان كافرا، ولكن نقول: إن من مات بحادث أو مات بهدم أو بغرق أو بحرق أو بطاعون فإنه من الشهداء، ولكن لا نخصه بعينه، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن نرجو لهذا الرجل أن يكون من الشهداء. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 32448.
وأما عمن مات وهو يطلب العلم فقد وردت في فضله بعض الأحاديث المتكلم فيها، فمن ذلك حديث الطبراني: من جاءه أجله وهو يطلب العلم لقي الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة، وهذا الحديث ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، ومنها حديث البزار: إذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحال مات وهو شهيد، وهذ الحديث ضعفه الألباني في الضعيفة أيضا.
والله أعلم.