الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عدم الالتزام في صرف أموال المنحة بما حددته الجهة المانحة في بنودها

السؤال

حصلت على منحة مالية من جهة عملي لإجراء بحث معين وفقا لميزانية معينة مقسمة إلى عدة بنود، كل منها مخصص له جزء من الميزانية (مثلًا: قيمة كتب ومراجع: 1000 ريال، أجهزة: 5000، مواصلات: 2000، إلخ) وهذا مذكور في العقد بيني وبينهم. وهم يطالبونني بفواتير مقابل كل بند، هم في الواقع أخبروني شفويا أنه لا يلزمني أن أعيد أي مبلغ فائض، أو ألتزم بصرف المبلغ بعينه في بند معين طالما أني أصرفه في بند آخر لصالح البحث، وليس على استخدامي الشخصي، ولكن هم يطالبون بأن الفواتير المصروفة على الكتب مثلا تكون وفقا للميزانية المحددة لها -بـ 1000 ريال- حتى لو كانت وهمية، ولكن صادرة من جهة معتمدة, وهذا يقودني للسؤال هل يجوز أن أتفق مثلا مع صاحب مكتبة بإصدار فواتير بقيمة الكتب, بينما أنا لم أشترها أو اشتريت أشياء أخرى؟ علما بأن القيمة المدفوعة لي لهذا البند حقيقة, وصرفت في البحث بالفعل, ولكن في بند آخر كالأجهزة مثلا. وما الحكم إذا أعطيته مبلغا من المال مقابل الفاتورة؟ وما حكم أن أشتري منه طابعة مثلا, وأطلب منه إصدار فاتورة بأنها كتب؟ مع العلم أن هذا الأمر نلجأ إليه لاستيفاء المستندات المطلوبة فقط، وليس بهدف التحايل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما قاله لك الموظفون شفهيًّا من عدم لزوم صرف مبلغ بعينه في بند معين طالما أنك تصرفه في بند آخر لصالح البحث، إن كانوا قد قالوا ذلك دون أن يكونوا مخولين به، فلا عبرة بما قالوه، وإنما العبرة بشروط الجهة المانحة، فيجب عليك الالتزام بالمخصصات المقررة في الميزانية؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقا, ورواه غيره موصولا. ومن ثم؛ فلا يجوز لك تقديم فواتير وهمية، لا لشراء طابعة أو غيرها؛ لكون ذلك غشًّا وكذبًا، هذا فضلًا عن عدم جواز دفع مال لإصدار تلك الفواتير؛ لكونه حينئذ رشوة محرمة، وتعاونًا على الإثم والعدوان.
أما إن كانوا مخولين من الجهة المانحة بما قالوه لك، وكان لا يمكنك الالتزام ببنود العقد، فحينئذ لا حرج عليك في كتابة فواتير وهمية للغرض المذكور، طالما تَعيّن ذلك سبيلًا للحصول على حقك في المنحة. وانظر الفتوى رقم: 181317, وما أحيل عليه فيها.
ومن ذلك: كتابة فاتورة بثمن الطابعة إن كانت الجهة المانحة تجيز احتساب ثمنها من المنحة، وإلا فلا؛ لعموم حديث: المسلمون عند شروطهم، كما تقدم، وينبغي على صاحب المكتبة -والحالة هذه- أن يعطيك الفاتورة مجانًا ليعينك على الحصول على حقك، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، فإذا لم تجد من يعطيك فواتير مجانًا فلا حرج عليك في دفع مال مقابل استخراجها، وراجع الفتوى رقم: 142719.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني