الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواو لا تفيد الترتيب الزمني

السؤال

لماذا ذكر الله قوم نوح ثم أصحاب الرس ثم ثمود في سورة ق، ولم يذكر -مثلاً- أصحاب الرس، ثم قوم تبع وهكذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

ففي قول الله -سبحانه وتعالى-: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ* وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [قّ:12-13-14]. تبيين من الله -جلَّ وعلا- لنبيه أن كفار قريش ليسوا هم أول من كذب الرسل، فقد كذبت قبلهم كفار الأمم السابقة كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين وأصحاب الرس وقوم فرعون، كل هؤلاء كذبوا رسلهم فوجب لهم العذاب.

هذا هو المعنى المراد بالآية، ولا يفهم من الآية ترتيب الأمم في الزمن، فإن بعض الأمم ذكرت قبل البعض الآخر، وهي متأخرة عنه في الزمن، وذلك لأن الواو لا تفيد إلا مطلق الاشتراك في الفعل الذي هو التكذيب من الأمم، وإهلاك الله لهم بسبب ذلك التكذيب، فلا تفيد الترتيب الزمني بخلاف "ثم" فإنها تفيده مع الانفصال، وبخلاف الفاء فإنها تفيده مع الاتصال، قال ابن مالك:

فاعطف بواو لاحقاً أو سابقاً في الحكم أو مصاحباً موافقاً

ومَثَّل شراحه لعطف السابق على اللاحق بقول الله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [الأحزاب:7].

وقال -أيضاً- عن "ثم والفاء":

والفاء للترتيب باتصال وثم للترتيب بانفصال

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني